(3) مواطن الإفصاح عن خصائص النظم
في "الخصائص"
لما كان كتاب ابن جنى شاملاً لخصائص العربية كلها، من خصائص لغوية، ونحوية، وصرفية، وبلاغية فقد جاءت خصائص النظم فيه في أنحاء متفرقة من الكتاب تبعاً للمواقف، أو المواطن التي تتطلب الإفصاح عنها ويمكن أن نتبيتها فيما يلي:
ومن ذلك قضية الفرق بين الكلام، والقول: فقد أراد ابن جنى أن يثبت أن الكلام إنما هو لفظ مستقل بنفسه مفيد لمعناه، فاستدل على ذلك بأن العرب قد وصفت كلامها تارة بالإطناب، وتارة بالإيجاز، وتارة ثالثة بغيرهما، وذلك لا يكون إلا بكلام تام مستقل بنفسه، وبهذا تعرض للإيجاز والإطناب وأورد قول ابن الرومي:
وحديثها السحر الحلال، ألوانه ... لم يحن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملل وإن هي أوجزت ... ود المحدث أنها لم توجز
شرك القلوب، وفتنة ما مثلها ... للمطمئن وعقلة المتوفز
نذكر أنها تطيل تارة وتوجز أخرى، والإطالة والإيجاز جميعاً إنما هما في كل كلام، مفيد، مستقل بنفسه.
إلى أن يقول: فقد تبت بما شرحناه، وأوضحناه، أن الكلام، إنما هو في لغة العرب، عبارة عن الألفاظ القائمة برءوسها، المستغنية عن غيرها،