إن منهج اللّه ثابت، وقيمه وموازينه ثابتة، والبشر يبعدون أو يقربون من هذا المنهج، ويخطئون ويصيبون في قواعد التصور وقواعد السلوك. ولكن ليس شيء من أخطائهم محسوبا على المنهج، ولا مغيرا لقيمه وموازينه الثابتة.
وحين يخطئ البشر في التصور أو السلوك، فإنه يصفهم بالخطأ. وحين ينحرفون عنه فإنه يصفهم بالانحراف.
ولا يتغاضى عن خطئهم وانحرافهم - مهما تكن منازلهم وأقدارهم - ولا ينحرف هو ليجاري انحرافهم! ونتعلم نحن من هذا، أن تبرئة الأشخاص لا تساوي تشويه المنهج! وأنه من الخير للأمة المسلمة أن تبقى مبادئ منهجها سليمة ناصعة قاطعة، وأن يوصف المخطئون والمنحرفون عنها بالوصف الذي يستحقونه - أيا كانوا - وألا تبرر أخطاؤهم وانحرافاتهم أبدا، بتحريف المنهج، وتبديل قيمه وموازينه. فهذا التحريف والتبديل أخطر على الإسلام من وصف كبار الشخصيات المسلمة بالخطأ أو الانحراف .. فالمنهج أكبر وأبقى من الأشخاص. والواقع التاريخي للإسلام ليس هو كل فعل وكل وضع صنعه المسلمون في تاريخهم. وإنما هو كل فعل وكل وضع صنعوه موافقا تمام الموافقة للمنهج ومبادئه وقيمه الثابتة .. وإلا فهو خطأ أو انحراف لا يحسب على الإسلام، وعلى تاريخ الإسلام إنما يحسب على أصحابه وحدهم، ويوصف أصحابه بالوصف الذي يستحقونه: من خطأ أو انحراف أو خروج على الإسلام .. إن تاريخ «الإسلام» ليس هو تاريخ «المسلمين» ولو كانوا مسلمين بالاسم أو باللسان! إن تاريخ «الإسلام» هو تاريخ التطبيق الحقيقي للإسلام، في تصورات الناس وسلوكهم، وفي أوضاع حياتهم، ونظام مجتمعاتهم .. فالإسلام محور ثابت، تدور حوله حياة الناس في اطار ثابت.
فإذا هم خرجوا عن هذا الإطار، أو إذا هم تركوا ذلك المحور بتاتا، فما للإسلام وما لهم يومئذ؟ وما لتصرفاتهم وأعمالهم هذه تحسب على الإسلام، أو يفسر بها الإسلام؟ بل ما لهم هم يوصفون بأنهم مسلمون إذا خرجوا على منهج الإسلام، وأبوا تطبيقه في حياتهم، وهم