والغنائم حتى يحين وقتها عند ما يشاء اللّه وينشأ المجتمع الإسلامي، ويواجه حالة جهاد فعلي، تنشأ عنه غنائم تحتاج إلى أحكام!
وحسبنا - في هذه الظلال - أن نتتبع الأصل الإيماني في السياق التاريخي الحركي، والمنهج القرآني التربوي. فهذا هو العنصر الثابت، الذي لا يتأثر بالزمن في هذا الكتاب الكريم .. وكل ما عداه تبع له وقائم عليه (?):
إن الحكم العام الذي تضمنه النص القرآني: «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ، وَلِلرَّسُولِ، وَلِذِي الْقُرْبى، وَالْيَتامى، وَالْمَساكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ».
يتلخص في رد أربعة أخماس كل شيء من الغنيمة إلى المقاتلين، واستبقاء الخمس يتصرف فيه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - والأئمة المسلمون القائمون على شريعة اللّه المجاهدون في سبيل اللّه، من بعده في هذه المصارف: «فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ، وَلِذِي الْقُرْبى، وَالْيَتامى، وَالْمَساكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ» .. بما يواجه الحاجة الواقعة عند وجود ذلك المغنم ... وفي هذا كفاية ..
أما التوجيه الدائم بعد ذلك فهو ما تضمنه شطر الآية الأخير: «إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ، وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ، وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ..
إن للإيمان أمارات تدل عليه واللّه - سبحانه - يعلق الاعتراف لأهل بدر - وهم أهل بدر - بأنهم آمنوا باللّه، وبما أنزله على عبده يوم الفرقان يوم التقى الجمعان .. يعلق الاعتراف لأهل بدر هؤلاء بالإيمان، على قبولهم لما شرع اللّه لهم في أمر الغنائم في صدر الآية فيجعل هذا شرطا لاعتبار هم عنده قد آمنوا باللّه وبما أنزله على عبده من القرآن كما يجعله مقتضى لإعلانهم الإيمان لا بد أن يتحقق ليتحقق مدلول هذا الإعلان.
وهكذا نجد مدلول الإيمان - في القرآن - واضحا جازما لا تميع فيه، ولا تفصيص ولا تأويل مما استحدثته التطويلات الفقهية فيما بعد، عند ما وجدت الفرق والمذاهب والتأويلات، ودخل الناس في الجدل والفروض المنطقية الذهنية، كما دخل الناس - بسبب الفرق المذهبية والسياسية - في الاتهامات ودفع الاتهامات وصار النبز بالكفر، ودفع هذا