الحديبية - هي كذلك تكشف لنا عن طبيعة المنهج الحركي للدعوة الإسلامية المتجددة في أي زمان وفي أي مكان.

إنه ابتداء يجب توجيه الحرص كله لإقامة القاعدة الصلبة من المؤمنين الخلص، الذين تصهرهم المحنة فيثبتون عليها والعناية بتربيتهم تربية إيمانية عميقة تزيدهم صلابة وقوة ووعيا ذلك مع الحذر الشديد من التوسع الأفقي قبل الاطمئنان إلى قيام هذه القاعدة الصلبة الخالصة الواعية المستنيرة. فالتوسع الأفقي قبل قيام هذه القاعدة خطر ما حق يهدر وجود أية حركة، لا تسلك طريق الدعوة الأولى من هذه الناحية، ولا تراعي طبيعة المنهج الحركي الرباني النبوي الذي سارت عليه الجماعة الأولى.

على أن اللّه - سبحانه - هو الذي يتكفل بهذا لدعوته. فحيثما أراد لها حركة صحيحة، عرّض طلائعها للمحنة الطويلة وأبطأ عليهم النصر وقللهم وبطأ الناس عنهم حتى يعلم منهم أن قد صبروا وثبتوا، وتهيأوا وصلحوا لأن يكونوا هم القاعدة الصلبة الخالصة الواعية الأمينة .. ثم نقل خطاهم بعد ذلك بيده - سبحانه - واللّه غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015