إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِي لقُبُورًا مِنْ قُبُورِ الأَنْبِيَاءِ. وَكَانَ النَّبِيُّ إِذَا آذَاهُ قَوْمُهُ خَرَجَ هُوَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ فَعَبَدَ اللَّهَ فِيهَا حَتَّى يَمُوتَ. (?)
قال مالك: أدركت أهله هذا البلد وما عندهم علم غير الكتاب والسنة، فإذا نزلت نازلة جمع الأمير لها من حضر من العلماء فما اتفقوا عليه أنفذه، وأنتم تكثرون المسائل وقد كرهها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?)
وقال القرطبي في سياق تفسيره للآية: روى مسلم عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ» (?).
قال كثير من العلماء: المراد بقوله "وكثرة السؤال" التكثير من السؤال في المسائل الفقهية تنطعا، وتكلفا فيما لم ينزل، والأغلوطات وتشقيق المولدات، وقد كان السلف يكرهون ذلك ويرونه من التكليف، ويقولون: إذا نزلت النازلة وفق المسؤول لها. (?) ..
إنه منهج واقعي جاد. يواجه وقائع الحياة بالأحكام، المشتقة لها من أصول شريعة اللّه، مواجهة عملية واقعية .. مواجهة تقدر المشكلة بحجمها وشكلها وظروفها كاملة وملابساتها، ثم تقضي فيها بالحكم الذي يقابلها ويغطيها ويشملها وينطبق عليها انطباقا كاملا دقيقا ..
فأما الاستفتاء عن مسائل لم تقع، فهو استفتاء عن فرض غير محدد. وما دام غير واقع فإن تحديده غير مستطاع. والفتوى عليه حينئذ لا تطابقه لأنه فرض غير محدد. والسؤال والجواب عندئذ يحملان معنى الاستهتار بجدية الشريعة كما يحملان مخالفة للمنهج الإسلامي القويم.
ومثله الاستفتاء عن أحكام شريعة اللّه في أرض لا تقام فيها شريعة اللّه، والفتوى على هذا الأساس! ..