بابن أعق منك. أأمنت أن تكون أمك قارفت ما يقارف نساء الجاهلية فتفضحها على أعين الناس؟! فقال: واللّه لو ألحقني بعبد أسود للحقت به (?) ..
وفي رواية لابن جرير عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو غضبان محمارٌّ وجهه! حتى جلس على المنبر، فقام إليه رجل فقال: أين أبي؟ قال: في النار، فقام آخر فقال: من أبي؟ قال: أبوك حذافة! فقام عمر بن الخطاب فقال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا، وبالقرآن إمامًا، إنا يا رسول الله حديثو عهد بجاهلية وشِرْك، والله يعلمُ من آباؤنا! قال: فسكن غضبه، ونزلت:"يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم". (?).
وقال القرطبي:" وروى مجاهد عن ابن عباس أنها نزلت في قوم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحام؛ وهو قول سعيد بن جبير؛ وقال: ألا ترى أن بعده: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ}
قلت: وفي الصحيح والمسند كفاية. ويحتمل أن تكون الآية نزلت جوابا للجميع، فيكون السؤال قريبا بعضه من بعض. والله أعلم." (?)
ومجموعة هذه الروايات وغيرها تعطي صورة عن نوع هذه الأسئلة التي نهى اللّه الذين آمنوا أن يسألوها
لقد جاء هذا القرآن لا ليقرر عقيدة فحسب، ولا ليشرع شريعة فحسب. ولكن كذلك ليربي أمة، وينشئ مجتمعا، وليكوّن الأفراد وينشئهم على منهج عقلي وخلقي من صنعه .. وهو هنا يعلمهم أدب السؤال، وحدود البحث، ومنهج المعرفة .. وما دام اللّه - سبحانه - هو الذي ينزل هذه الشريعة، ويخبر بالغيب، فمن الأدب أن يترك العبيد لحكمته تفصيل تلك الشريعة أو إجمالها وأن يتركوا له كذلك كشف هذا الغيب أو ستره.
وأن يقفوا هم في هذه الأمور عند الحدود التي أرادها العليم الخبير. لا ليشددوا على أنفسهم بتنصيص النصوص، والجري وراء الاحتمالات والفروض. كذلك لا يجرون وراء