تظهر في سوء التوزيع في هذه الأمم، مما يجعل المجتمع حافلا بالشقاء، وحافلا بالأحقاد، وحافلا بالمخاوف من الانقلابات المتوقعة نتيجة هذه الأحقاد الكظيمة .. وهو بلاء على رغم الرخاء! ..
وتظهر في الكبت والقمع والخوف في الأمم التي أرادت أن تضمن نوعا من عدالة التوزيع واتخذت طريق التحطيم والقمع والإرهاب ونشر الخوف والذعر، لإقرار الإجراءات التي تأخذ بها لإعادة التوزيع .. وهو بلاء لا يأمن الإنسان فيه على نفسه ولا يطمئن ولا يبيت ليلة في سلام! وتظهر في الانحلال النفسي والخلقي الذي يؤدي بدوره - إن عاجلا أو آجلا - إلى تدمير الحياة المادية ذاتها.
فالعمل والإنتاج والتوزيع، كلها في حاجة إلى ضمانة الأخلاق. والقانون الأرضي وحده عاجز كل العجز عن تقديم الضمانات لسير العمل كما نرى في كل مكان! وتظهر في القلق العصبي والأمراض المنوعة التي تجتاح أمم العالم - وبخاصة أشدها رخاء ماديا - مما يهبط بمستوى الذكاء والاحتمال. ويهبط بعد ذلك بمستوى العمل والإنتاج، وينتهي إلى تدمير الاقتصاد المادي والرخاء! وهذه الدلائل اليوم واضحة وضوحا كافيا يلفت الأنظار! وتظهر في الخوف الذي تعيش فيه البشرية كلها من الدمار العالمي المتوقع في كل لحظة في هذا العالم المضطرب الذي تحوم حوله نذر الحرب المدمرة .. وهو خوف يضغط على أعصاب الناس من حيث يشعرون أو لا يشعرون فيصيبهم بشتى الأمراض العصبية .. ولم ينتشر الموت بالسكتة وانفجار المخ والانتحار كما انتشر في أمم الرخاء! وتظهر هذه الآثار كلها بصورة متقدمة واضحة في ميل بعض الشعوب إلى الاندثار والدمار - وأظهر الأمثلة الحاضرة تتجلى في الشعب الفرنسي - وليس هذا إلا مثلا للآخرين، في فعل الافتراق بين النشاط المادي والمنهج الرباني وافتراق الدنيا والآخرة، وافتراق الدين والحياة أو اتخاذ منهج للآخرة من عند اللّه، واتخاذ منهج للدنيا من عند الناس وإيقاع هذا الفصام النكد بين منهج اللّه وحياة الناس!
وقبل أن ننهي هذا التعليق على التقرير القرآني لتلك الحقيقة الكبيرة، نحب أن نؤكد أهمية التناسق في منهج اللّه بين الإيمان والتقوى وإقامة المنهج في الحياة الواقعية للناس، وبين العمل