ويحدد اللّه للذين آمنوا جهة الولاء الوحيدة التي تتفق مع صفة الإيمان ويبين لهم من يتولون: «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ» .. هكذا على وجه القصر الذي لا يدع مجالا للتمحل أو التأول ولا يترك فرصة لتمييع الحركة الإسلامية أو تمييع التصور ..
ولم يكن بد أن يكون الأمر كذلك! لأن المسألة في صميمها - كما قلنا - هي مسألة العقيدة. ومسألة الحركة بهذه العقيدة. وليكون الولاء للّه خالصا، والثقة به مطلقة، وليكون الإسلام هو «الدين».وليكون الأمر أمر مفاصلة بين الصف المسلم وسائر الصفوف التي لا تتخذ الإسلام دينا، ولا تجعل الإسلام منهجا للحياة.
ولتكون للحركة الإسلامية جديتها ونظامها فلا يكون الولاء فيها لغير قيادة واحدة وراية واحدة. ولا يكون التناصر إلا بين العصبة المؤمنة لأنه تناصر في المنهج المستمد من العقيدة ..
ولكن حتى لا يكون الإسلام مجرد عنوان، أو مجرد راية وشعار، أو مجرد كلمة تقال باللسان، أو مجرد نسب ينتقل بالوراثة، أو مجرد وصف يلحق القاطنين في مكان! فإن السياق يذكر بعض السمات الرئيسية للذين آمنوا: «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ، وَهُمْ راكِعُونَ» ..
فمن صفتهم إقامة الصلاة - لا مجرد أداء الصلاة - وإقامة الصلاة تعني أداءها أداء كاملا، تنشأ عنه آثارها التي يقررها قوله تعالى: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ» .. والذي لا تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يقم الصلاة فلو أقامها لنهته كما يقول اللّه! ومن صفتهم إيتاء الزكاة .. أي أداء حق المال طاعة للّه وقربى عن رضى نفس ورغبة، فليست الزكاة مجرد ضريبة مالية، إنما هي كذلك عبادة. أو هي عبادة مالية. وهذه هي ميزة المنهج الإسلامي. الذي يحقق أهدافا شتى بالفريضة الواحدة. وليس كذلك الأنظمة الأرضية التي تحقق هدفا وتفرط في أهداف ..