وعَنِ الزُّهْرِيِّ , قَالَ: لَمَّا انْهَزَمَ أَهْلُ بَدْرٍ قَالَ الْمُسْلِمُونَ لِأَوْلِيَائِهِمْ مِنْ يَهُودَ: آمِنُوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِيَوْمٍ مِثْلِ يَوْمِ بَدْرٍ.فَقَالَ مَالِكُ بْنُ صَيْفٍ: غَرَّكُمْ أَنْ أَصَبْتُمْ رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِالْقِتَالِ , أَمَا لَوْ أَسْرَرْنَا الْعَزِيمَةَ أَنْ نَسْتَجْمِعَ عَلَيْكُمْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ يَدٌ أَنْ تُقَاتِلُونَا , فَقَالَ عُبَادَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنَ الْيَهُودِ كَانَتْ شَدِيدَةً أَنْفُسُهُمْ كَثِيرًا سِلَاحُهُمْ شَدِيدَةً شَوْكَتُهُمْ , وَإِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ مِنْ وَلَايَتِهِمْ , وَلَا مَوْلًى لِي إِلَّا اللَّهَ وَرَسُولَهُ.فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: لَكِنِّي لَا أَبْرَأُ مِنْ وَلَاءِ يَهُودَ , إِنِّي رَجُلٌ لَا بُدَّ لِي مِنْهُمْ.فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:" يَا أَبَا حُبَابٍ , أَرَأَيْتُ الَّذِيَ نَفِسْتَ بِهِ مِنْ وَلَاءِ يَهُودَ عَلَى عُبَادَةَ , فَهُوَ لَكَ دُونَهُ " قَالَ: إِذَنْ أَقْبَلُ.فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَى أَنْ بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ " (?) ..
وقال محمد بن إسحاق: فكانت أول قبيلة من اليهود نقضت ما بينها وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنو قينقاع. فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: فحاصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلوا على حكمه، فقام إليه عبد الله بن أبي بن سلول، حين أمكنه الله منهم، فقال: يا محمد، أحسن في مَوَالي. وكانوا حلفاء الخزرج، قال: فأبطأ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،فقال: يا محمد، أحسن في موالي. قال: فأعرض عنه. فأدخل يده في جيب درع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -."أرسلني".وغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى رُئِي لوجهه ظللا ثم قال:"ويحك أرسلني".قال: لا والله لا أرسلك حتى تحسن في مَوَالي، أربعمائة حاسر، وثلاثمائة دارع، قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة واحدة؟! إني امرؤ أخشى الدوائر، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"هُم لك." (?) ..
وقال محمد بن إسحاق: فحدثني أبي إسحاق بن يَسار، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قَيْنُقَاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،تشبث بأمرهم عبد الله بن أبيّ، وقام دونهم، ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،وكان أحد بني عَوْف بن الخزرج، له من حلفهم مثل الذي لعبد الله بن أبي، فجعلهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتبرأ إلى الله ورسوله