مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ؟» .. وكذلك تتوافى الديانات كلها على هذا الأمر، ويتعين حد الإيمان وشرط الإسلام، سواء للمحكومين أو للحكام .. والمناط هو الحكم بما أنزل اللّه من الحكام، وقبول هذا الحكم من المحكومين، وعدم ابتغاء غيره من الشرائع والأحكام ..
والمسألة في هذا الوضع خطيرة والتشدد فيها على هذا النحو يستند إلى أسباب لا بد خطيرة كذلك. فما هي يا ترى هذه الأسباب؟ إننا نحاول أن نتلمسها سواء في هذه النصوص أو في السياق القرآني كله، فنجدها واضحة بارزة .. إن الاعتبار الأول في هذه القضية هو أنها قضية الإقرار بألوهية اللّه وربوبيته وقوامته على البشر - بلا شريك - أو رفض هذا الإقرار .. ومن هنا هي قضية كفر أو إيمان، وجاهلية أو إسلام .... والقرآن كله معرض بيان هذه الحقيقة ..
إن اللّه هو الخالق .. خلق هذا الكون، وخلق هذا الإنسان. وسخر ما في السماوات والأرض لهذا الإنسان .. وهو - سبحانه - متفرد بالخلق، لا شريك له في كثير منه أو قليل.
وإن اللّه هو المالك .. بما أنه هو الخالق .. وللّه ملك السماوات والأرض وما بينهما .. فهو - سبحانه - متفرد بالملك. لا شريك له في كثير منه أو قليل. وإن اللّه هو الرازق .. فلا يملك أحد أن يرزق نفسه أو غيره شيئا. لا من الكثير ولا من القليل .. وإن اللّه هو صاحب السلطان المتصرف في الكون والناس .. بما أنه هو الخالق المالك الرازق .. وبما أنه هو صاحب القدرة التي لا يكون بدونها خلق ولا رزق ولا نفع ولا ضر. وهو - سبحانه - المتفرد بالسلطان في هذا الوجود.
والإيمان هو الإقرار للّه - سبحانه - بهذه الخصائص. الألوهية، والملك، والسلطان .. متفردا بها لا يشاركه فيها أحد. والإسلام هو الاستسلام والطاعة لمقتضيات هذه الخصائص .. هو إفراد اللّه - سبحانه - بالألوهية والربوبية والقوامة على الوجود كله - وحياة الناس ضمنا - والاعتراف بسلطانه الممثل في قدره والممثل كذلك في شريعته. فمعنى الاستسلام لشريعة اللّه هو - قبل كل شيء - الاعتراف بألوهيته وربوبيته وقوامته وسلطانه. ومعنى عدم الاستسلام لهذه الشريعة، واتخاذ شريعة غيرها في أية جزئية من جزئيات الحياة، هو - قبل كل شيء - رفض الاعتراف بألوهية اللّه وربوبيته وقوامته وسلطانه .. ويستوي أن