قال تعالى: «وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً، فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً. وَالصُّلْحُ خَيْرٌ. وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ. وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً. وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ - وَلَوْ حَرَصْتُمْ - فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ، فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ. وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً. وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ. وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً».
لقد نظم المنهج - من قبل - حالة النشوز من ناحية الزوجة والإجراءات التي تتخذ للمحافظة على كيان الأسرة (وذلك في أوائل هذا الجزء) فالآن ينظم حالة النشوز والإعراض حين يخشى وقوعها من ناحية الزوج، فتهدد أمن المرأة وكرامتها، وأمن الأسرة كلها كذلك. إن القلوب تتقلب، وإن المشاعر تتغير. والإسلام منهج حياة يعالج كل جزئية فيها، ويتعرض لكل ما يعرض لها في نطاق مبادئه واتجاهاته وتصميم المجتمع الذي يرسمه وينشئه وفق هذا التصميم.
فإذا خشيت المرأة أن تصبح مجفوة وأن تؤدي هذه الجفوة إلى الطلاق - وهو أبغض الحلال إلى اللّه - أو إلى الإعراض، الذي يتركها كالمعلقة. لا هي زوجة ولا هي مطلقة، فليس هنالك حرج عليها ولا على زوجها، أن تتنازل له عن شيء من فرائضها المالية أو فرائضها الحيوية. كأن تترك له جزءا أو كلا من نفقتها الواجبة عليه. أو أن تترك له قسمتها وليلتها، إن كانت له زوجة أخرى يؤثرها، وكانت هي قد فقدت حيويتها للعشرة الزوجية أو جاذبيتها .. هذا كله إذا رأت هي - بكامل اختيارها وتقديرها لجميع ظروفها - أن ذلك خير لها وأكرم من طلاقها: «وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً» .. هو هذا الصلح الذي أشرنا إليه ..
ثم يعقب على الحكم بأن الصلح إطلاقا خير من الشقاق والجفوة والنشوز والطلاق: «وَالصُّلْحُ خَيْرٌ» ..