مُطَهَّرَةٌ، وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا» ..... «كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ» ... إنه مشهد لا يكاد ينتهي. مشهد شاخص متكرر. يشخص له الخيال، ولا ينصرف عنه! إنه الهول. وللهول جاذبية آسرة قاهرة! والسياق يرسم ذلك المشهد ويكرره بلفظ واحد .. «كلما» .. ويرسمه كذلك عنيفا مفزعا بشطر جملة .. «كلما نضجت جلودهم» .. ويرسمه عجيبا خارقا للمألوف بتكملة الجملة .. «بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها» .. ويجمل الهول الرهيب المفزع العنيف كله في جملة شرطية واحدة لا تزيد! ذلك جزاء الكفر - وقد تهيأت أسباب الإيمان - وهو مقصود. وهو جزاء وفاق: «لِيَذُوقُوا الْعَذابَ» .. ذلك، أن اللّه قادر على الجزاء. حكيم في توقيعه: «إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً» ..
وفي مقابل هذا السعير المتأجج. وفي مقابل الجلود الناضجة المشوية المعذبة .. كلما نضجت بدلت. ليعود الاحتراق من جديد. ويعود الألم من جديد. في مقابل هذا المشهد المكروب الملهوف .. نجد «الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» في جنات ندية: «تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ»:ونجد في المشهد ثباتا وخلودا مطمئنا أكيدا: «خالِدِينَ فِيها أَبَداً» ونجد في الجنات والخلد الدائم أزواجا مطهرة: «لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ» .. ونجد روح الظلال الندية يرف على مشهد النعيم: «وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا» .. تقابل كامل في الجزاء. وفي المشاهد. وفي الصور. وفي الإيقاع .. على طريقة القرآن في «مشاهد القيامة» ذات الإيحاء القوي النافذ العميق (?).