ونحن ندعي الإسلام، فنشوه الإسلام بصورتنا وواقعنا ونؤدي ضده شهادة منفرة منه! ثم ونحن ندعي أن اللّه مختار لنا لأننا أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بينما دين محمد ومنهجه مطرود من واقع حياتنا طردا .. ما أحسبنا إلا في مثل هذا الموضع، الذي يعجب اللّه - سبحانه - منه رسوله - صلى الله عليه وسلم - ويدمغ أصحابه بافتراء الكذب على اللّه، وارتكاب هذا الإثم المبين! والعياذ باللّه! إن دين اللّه منهج حياة. وطاعة اللّه هي تحكيم هذا المنهج في الحياة. والقرب من اللّه لا يكون إلا بطاعته ..
فلننظر أين نحن من اللّه ودينه ومنهجه .. ثم لننظر أين نحن من حال هؤلاء اليهود، الذين يعجب اللّه من حالهم، ويدمغهم بإثم الافتراء عليه في تزكيتهم لأنفسهم! فالقاعدة هي القاعدة. والحال هي الحال. وليس لأحد عند اللّه نسب ولا صهر ولا محاباة!!!
ويمضي السياق في التعجيب من أمر أولئك الذين يزكون أنفسهم .. بينما هم يؤمنون بالباطل وبالأحكام التي لا تستند إلى شرع اللّه، وليس لها ضابط منه يعصمها من الطغيان: «الجبت والطاغوت» وبينما هم يشهدون للشرك والمشركين بأنهم أهدى من المؤمنين بكتاب اللّه ومنهجه وشريعته، ويحمل عليهم - بعد التعجيب من أمرهم، وذكر هذه المخازي عنهم - حملة عنيفة ويرذلهم ترذيلا شديدا ويظهر كامن طباعهم من الحسد والبخل والأسباب الحقيقية التي تجعلهم يقفون هذا الموقف إلى جانب انحرافهم عن دين إبراهيم - الذي يفخرون بالانتساب إليه - وينهي هذه الحملة بتهديدهم بجهنم. «وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً».
«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ، يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا: هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا! أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ. وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً. أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ؟ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً. أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ؟ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً» ..
لقد كان الذين أوتوا نصيبا من الكتاب، أولى الناس أن يتبعوا الكتاب وأن يكفروا بالشرك الذي يعتنقه من لم يأتهم من اللّه هدى وأن يحكموا كتاب اللّه في حياتهم، فلا يتبعوا