(على حِين عاتبت المشيب على الصِّبَا ... فَقلت: ألما تصح والشيب وازع)

يَأْتِي شَرحه إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي بَاب الظروف.

(وَقد حَال همٌ دون ذَلِك داخلٌ ... دُخُول الشغاف تبتغيه الْأَصَابِع)

أَي: دون هَذَا الَّذِي أشبب بِهِ وأبكي عَلَيْهِ دون الصِّبَا. وَرُوِيَ: وَقد جال همٌ وَرُوِيَ أيضاُ:

(وَلَكِن هما دون ذَلِك داخلٌ ... مَكَان الشغاف ... ... ... . .))

أَي: غلاف الْقلب. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الشغاف: دَاء يدْخل تَحت الشراسيف فِي الْبَطن فِي الشق الْأَيْمن إِذا التقى هُوَ وَالطحَال مَاتَ صَاحبه. يَقُول: هَذَا الْهم الَّذِي هُوَ لي هُوَ مضوع الشغاف الَّذِي يكون فِيهِ الْقلب.

ثمَّ رَجَعَ إِلَى الشغاف فَقَالَ: تبتغيه الْأَصَابِع: أَي: تلتمسه أَصَابِع المتطببين ينظرُونَ أنزل من ذَلِك الْموضع أم لَا وَإِنَّمَا ينزل عِنْد الْبُرْء.

قَالَ ابْن السَّيِّد فِي شرح أَبْيَات أدب الْكَاتِب: هَذَا قَول الْأَصْمَعِي وَأبي عُبَيْدَة. وَقيل مَعْنَاهُ: تلتمسه هَل انحدر نَحْو الطحال فيتوقع على صَاحبه الْمَوْت أم لم ينحدر فترجى لَهُ السَّلامَة.

وَقَالَ أَبُو عَليّ الْبَغْدَادِيّ يَعْنِي أَصَابِع الْأَطِبَّاء يلمسونني هَل وصل إِلَى الْقلب أم لَا لِأَنَّهُ إِذا اتَّصل بِالْقَلْبِ تلف صَاحبه. وَإِنَّمَا أَرَادَ النَّابِغَة: أَنه من موجدة النُّعْمَان عَلَيْهِ بَين رَجَاء ويأس كَهَذا العليل الَّذِي يخْشَى عَلَيْهِ الْهَلَاك وَلَا يأس مَعَ ذَلِك من برئه. وَهَذَانِ التأويلان أشبه بغرض النَّابِغَة من التَّأْوِيل الأول:

(وَعِيد أبي قَابُوس فِي غير كنهه ... أَتَانِي ودوني راكسٌ فالضواجع)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015