وروى لنا أَبُو عَليّ بَيت الحطيئة:

(إِذا قلت أَنِّي آيبٌ أهل بلدةٍ ... حططت بهَا عَنهُ الولية بالهجر)

بِفَتْح الْهمزَة من أَنِّي قَالَ: وَمَعْنَاهَا إِذا قدرت وظننت أَنِّي آيب.

فَإِن قيل: فَلَيْسَ هُنَا اسْتِفْهَام فَكيف جَازَ اسْتِعْمَال القَوْل اسْتِعْمَال الظَّن قيل: لم يجز هَذَا للاستفهام وَحده بل لِأَن الْموضع من مَوَاضِع الظَّن. وَلَو كَانَ للاستفهام مُجَرّد من تقاضي الْموضع لَهُ وتلقيه إِيَّاه فِيهِ لجَاز أَيْضا أأقول زيدا مُنْطَلقًا وأيقول زيدا عمرا جَالِسا وَلما لم يجز ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يكَاد يَسْتَفْهِمهُ عَن ظن غَيره علمت بِهِ أَن جَوَازه إِنَّمَا هُوَ لِأَن الْموضع مُقْتَض لَهُ. وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك جَازَ أَيْضا: إِذا قلت أَنِّي آيب بِفَتْح همزَة أَنِّي من حَيْثُ كَانَ الْموضع متقاضياً للظن. وَهَذِه رِوَايَة غَرِيبَة لَطِيفَة. وَلَو كسرت هُنَا همزَة إِن لكَانَتْ كالرفع فِي قَوْلك: أَتَقول زيدٌ منطلق إِذا حكيت وَلم تعْمل.

وَأما إِذا وإِذا فِي الْبَيْت ففيهما نظر: وَذَلِكَ ان كل وَاحِدَة مِنْهُمَا محتاجة إِلَى ناصب هُوَ جوابهما وكل واحدةٍ مِنْهُمَا جوابها مَحْذُوف يدل عَلَيْهِ مَا قبلهَا. وَشرح ذَلِك أَن تَقول: إِن إِذا الأولى جوابها مَحْذُوف حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ: إِذا أَنا لم أطعن وَجب طرحي الرمْح عَن عَاتِقي. فَدلَّ قَوْله: علام تَقول الرمْح يثقل عَاتِقي على مَا أَرَادَهُ من وجوب طرح الرمْح إِذا لم يطعن بِهِ)

كَقَوْلِك: أَنْت ظَالِم إِن فعلت أَي: إِن فعلت ظلمت ودلك أَنْت ظَالِم على ظلمت. وَهَذَا بابٌ وَاضح. . وَإِذا الأولى وَمَا نَاب عَن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015