سمع تِلْكَ الأبيات يَا عبد عَمْرو لقد أبْصر طرفَة حسن كشحك ثمَّ تمثل فَقَالَ:

(وَلَا خير فِيهِ غير أَن لَهُ غنى ... وَأَن لَهُ كشحاً إِذا قَامَ أهضما)

فَغَضب عبد عَمْرو مِمَّا قَالَه وأنف فَقَالَ: لقد قَالَ للْملك أقبح من هَذَا قَالَ عَمْرو: وَمَا الَّذِي قَالَ فندم عبد عَمْرو وأبى أَن يسمعهُ. فَقَالَ: أسمعنيه وطرفة آمن. فأسمعه القصيدة الَّتِي هجاه بهَا وشرحنا مِنْهَا ثَمَانِيَة أَبْيَات تقدّمت فَسكت عَمْرو بن هِنْد على مَا وقر فِي نَفسه وَكره أَن يعجل عَلَيْهِ لمَكَان قومه فَأَضْرب عَنهُ وَبلغ ذَلِك طرفَة وَطلب غرته والاستمكان مِنْهُ حَتَّى أَمن طرفَة وَلم يخفه على نَفسه فَظن أَنه قد رَضِي عَنهُ. وَقد كَانَ المتلمس وَهُوَ جرير بن عبد الْمَسِيح هجا عَمْرو بن هِنْد. وَكَانَ قد غضب عَلَيْهِ فَقدم المتلمس وطرفة على عَمْرو بن هِنْد يتعرضان لفضله. فَكتب لَهما إِلَى عَامله على الْبَحْرين وهجر. وَكَانَ عَامله فيهمَا فِيمَا)

يَزْعمُونَ ربيعَة بن الْحَارِث الْعَبْدي وَهُوَ الَّذِي كتب إِلَيْهِ فِي شَأْن طرفَة والمتلمس وَقَالَ لَهما: انْطَلقَا إِلَيْهِ فاقبضا جوائزكما. فَخَرَجَا.

فزعموا أَنَّهُمَا لما هبطا النجف قَالَ المتلمس: يَا طرفَة إِنَّك غلامٌ غر حَدِيث السن وَالْملك من قد عرفت حقده وغدره وكلانا قد هجاه فلست آمنا أَن يكون قد أَمر فِينَا بشر فَهَلُمَّ نَنْظُر فِي كتابينا فَإِن يكن أَمر لنا بخيرٍ مضينا فِيهِ وَإِن يكن قد أَمر فِينَا بِغَيْر ذَلِك لم نهلك أَنْفُسنَا فَأبى طرفَة أَن يفك خَاتم الْملك وحرص المتلمس على طرفَة فَأبى. وَعدل المتلمس إِلَى غُلَام من غلْمَان الْحيرَة عبَادي فَأعْطَاهُ الصَّحِيفَة فقرأها فَلم يصل إِلَى مَا أَمر بِهِ فِي المتلمس حَتَّى جَاءَ غُلَام بعده فَأَشْرَف فِي الصَّحِيفَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015