أَو للسواد والبلق والرابط الضَّمِير بتأويله باسم الْإِشَارَة وَاسم الْإِشَارَة مؤول بالمذكور وَنَحْوه وَإِنَّمَا لم يؤول بالمذكور ابْتِدَاء لِأَن التَّأْوِيل قد كثر فِي اسْم الْإِشَارَة كَمَا نقلوا عَن أبي عُبَيْدَة أَنه قَالَ لرؤبة إِن كنت أردْت الخطوط فَقل كَأَنَّهَا وَإِن أردْت السوَاد والبلق فَقل كَأَنَّهُمَا فَقَالَ رؤبة أردْت كَأَن ذَلِك وَيلك وَتَأْويل اسْم الْإِشَارَة بالمذكور إِذا خَالف الْمشَار إِلَيْهِ جعله عُلَمَاء التَّفْسِير والعربية قانونا يرجع إِلَيْهِ عِنْد الِاحْتِيَاج وَخَرجُوا عَلَيْهِ آيَات مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {ذَلِك بِمَا عصوا} بإفراد اسْم الْإِشَارَة مَعَ أَن الْمشَار إِلَيْهِ شَيْئَانِ الْكفْر
وَالْقَتْل وَأورد هَذَا الْبَيْت نظيرا لَهُ وَزعم ابْن جني فِي الْمُحْتَسب أَنه لَو قَالَ قَائِل إِن الْهَاء فِي كَأَنَّهُ عَائِدَة على البلق وَحده لَكَانَ مصيبا لِأَن فِي البلق مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من تشبيهه بالبهق فَلَا ضَرُورَة إِلَى إِدْخَال السوَاد مَعَه انْتهى وَفِيه أَن الْمُحدث عَنهُ هُوَ الخطوط وَهِي المشبهة بالبهق فإمَّا أَن يرجع الضَّمِير إِلَى الْمُبين الَّذِي هُوَ الْمُحدث عَنهُ أَو إِلَى الْبَيَان بِتَمَامِهِ وَأما إرجاعه إِلَى بعض الْبَيَان فَيلْزم تَشْبِيه بعضه دون بعض وَهَذَا لَيْسَ بمقصود بل المُرَاد تَشْبِيه الخطوط الَّتِي بَعْضهَا من سَواد بحت وَبَعضهَا من سَواد فِيهِ بَيَاض أَيْضا فَتَأمل وروى الْأَصْمَعِي كَأَنَّهَا أَيْضا بضمير الْمُؤَنَّث وَعَلَيْهَا فَلَا إِشْكَال وَفِي هَذِه الأرجوزة بَيت وَهُوَ
(لواحق الأقراب فِيهَا كالمقق)
أوردهُ الشَّارِح فِي حرف الْكَاف من حُرُوف الْجَرّ على أَن الْكَاف فِيهِ زَائِدَة ونشرحه هُنَاكَ إِن شَاءَ الله تَعَالَى ورؤبة هُوَ أَبُو الجحاف بن العجاج عبد الله بن رؤبة بن لبيد بن صَخْر من بني مَالك بن سعد بن زيد مَنَاة بن تَمِيم هُوَ وَأَبوهُ شاعران كل مِنْهُمَا لَهُ