وَهِي وبيئة فنبت بِهِ واجتواها وقادوا بَين يَدَيْهِ فِي مدخله إِلَى مصر أَرْبَعَة آلَاف جنيه منعلة بِالذَّهَب فَسَماهُ أهل مصر بفاتك الْمَجْنُون. فَلَقِيَهُ المتنبي فِي الميدان على رَقَبَة من كافور فَقَالَ:

(لَا خيل عنْدك تهدينا وَلَا مَال ... فليسعد النُّطْق إِن لم يسْعد الْحَال))

فوصل إِلَيْهِ من أَنْوَاع صلَاته وأصناف جوائزه مَا تبلغ قِيمَته عشْرين ألف دِينَار. ثمَّ مضى فاتك لسبيله فرثاه المتنبي وذم كافوراً:

(أيموت مثل أبي شجاعٍ فاتكٍ ... ويعيش حاسده الْخصي الأوكع)

فاحتال بعده فِي الْخَلَاص من كافور فانتهز الفرصة فِي الْعِيد وَكَانَ رسم السُّلْطَان أَن يسْتَقْبل الْعِيد بِيَوْم وتعد فِيهِ الْخلْع والحملانات وأنواع المبار لرابطة جنده وراتبة جَيْشه وصبيحة الْعِيد تفرق وَثَانِي الْيَوْم يذكر لَهُ من قبل وَمن رد واستزاد فاهتبل المتنبي غَفلَة كافور وَدفن رماحه برا وَسَار ليلته وَحمل بغاله وجماله وَهُوَ لَا يألو سيراً وسرى هَذِه اللَّيْلَة مَسَافَة أَيَّام حَتَّى وَقع فِي تيه بني اسرائيل إِلَى أَن جازه على الْحلَل والأحياء والمفاوز المجاهيل والمناهل الأواجن.

وَنزل الْكُوفَة وَقَالَ يقص حَاله:

(أَلا كل مَاشِيَة الخيزلي ... فدا كل مَاشِيَة الهيدبى)

وفيهَا يَقُول:

(ضربت بهَا التيه ضرب القما ... ر: إِمَّا لهَذَا وَإِمَّا لذا)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015