ثمَّ كف ورأي أَن لَا يجِيبه فَأجَاب عَنهُ الفرزدق على رُوِيَ قَوْله (الوافر)
(أَنا ابْن العاصمين بني تَمِيم ... إِذا مَا أعظم الْحدثَان نابا)
ثمَّ إِن الرَّاعِي قَالَ لِابْنِهِ يَا غُلَام بئْسَمَا كسبنا قَومنَا ثمَّ قَامَ من سَاعَته وَقَالَ لأَصْحَابه ركابكم فَلَيْسَ لكم هَا هُنَا مقَام فضحكم جرير فَقَالَ لَهُ بعض الْقَوْم ذَلِك بشؤمك وشؤم ابْنك وَسَار إِلَى أَهله فَلَمَّا وصل إِلَيْهِم سمع عِنْد الْقدوم
(فغض الطّرف إِنَّك من نمير)
(الْبَيْت) وَأقسم بِاللَّه مَا بلغَهَا إنسي وَإِن لجرير لأشياعا من الْجِنّ فتشاءمت بِهِ بَنو نمير وسبوه وسبوه ابْنه وهم يتشاءمون بِهِ إِلَى الْآن
قَالَ ابْن رَشِيق فِي الْعُمْدَة وَمِمَّنْ وَضعه مَا قيل فِيهِ من الشّعْر حَتَّى أنكر نسبه وَسقط عَن رتبته وعيب بفضيلته بَنو نمير كَانُوا جَمْرَة من جمرات الْعَرَب إِذا سُئِلَ أحدهم مِمَّن الرجل فخم لَفظه وَمد صَوته وَقَالَ من بني نمير إِلَى أَن صنع جرير قصيدته الَّتِي هجا بهَا عبيد بن حُصَيْن الرَّاعِي فسهر لَهَا فطالت ليلته إِلَى أَن قَالَ فغض الطّرف إِنَّك من نمير الْبَيْت فأطفأ سراجه ونام وَقَالَ وَالله قد أخزيتهم آخر الدَّهْر فَلم يرفعوا رَأْسا بعْدهَا إِلَّا نكس بِهَذَا الْبَيْت حَتَّى أَن مولى لباهلة كَانَ يرد سوق الْبَصْرَة ممتارا فَيَصِيح بِهِ بَنو نمير ياجوذاب بالهة فَقص الْخَبَر على موَالِيه وَقد ضجر من ذَلِك فَقَالُوا لَهُ إِذا نبزوك فَقل لَهُم
(فغض الطّرف أَنَّك من نمير)
(الْبَيْت) وَمر بهم بعد ذَلِك فنبزوه وَأَرَادَ الْبَيْت فنسيه فَقَالَ غمض وَإِلَّا جَاءَك