لأثقلن رواحلك ثمَّ أقبل إِلَى منزلَة فَقَالَ للحسين رِوَايَته زد فِي دهن سراجك اللَّيْلَة وأعدد لوحا ودواة ثمَّ أقبل على هجاء بني نمير فَلم يزل يملي
حَتَّى ورد عَلَيْهِ قَوْله (الوافر)
(فغض الطّرف إِنَّك من نمير ... فَلَا كَعْبًا بلغت وَلَا كلابا)
فَقَالَ حَسبك أطفئ سراجك ونم فرغت مِنْهُ ثمَّ إِن جَرِيرًا أتم هَذِه بعد وَكَانَ يسميها الدامغة أَو الدماغة وَكَانَ يُسمى هَذِه القافية المنصورة لِأَنَّهُ قَالَ قصائد فِيهَا كُلهنَّ أَجَاد فِيهَا وَبعد أَن أتمهَا أَدخل طرف ثَوْبه بَين رجلَيْهِ ثمَّ هدر فَقَالَ أخزيت ابْن يَرْبُوع حَتَّى إِذا أصبح غَدا وَرَأى الرَّاعِي فِي سوق الْإِبِل فَأَتَاهُ وأنشده إِيَّاهَا حَتَّى وصل إِلَى قَوْله
(أجندل مَا تَقول بَنو نمير ... إِذا مَا الأير فِي أست أَبِيك غابا)
فَقَالَ الرَّاعِي شرا وَالله تَقول
(عَلَوْت عَلَيْك ذرْوَة خندفي ... ترى من دونهَا رتبا صعابا)
(لنا حَوْض النَّبِي وساقياه ... وَمن ورث النُّبُوَّة والكتابا)
(إِذا غضِبت عَلَيْك بَنو تَمِيم ... حسبت النَّاس كلهم غضابا)
(فغض الطّرف إِنَّك من نمير)
(الْبَيْت) فَقَالَ الرَّاعِي وَهُوَ يُرِيد نقضهَا
(أَتَانِي أَن جحش بني كُلَيْب ... تعرض حول دجلة ثمَّ هابا)
(فَأولى أَن يظل الْبَحْر يطفو ... بِحَيْثُ يُنَازع المَاء السحابا)
(أَتَاك الْبَحْر يضْرب جانبيه ... أغر ترى لجريته حبابا)