(وإنسان عَيْني يحسر المَاء تَارَة ... فيبدو وتاراتٍ يجم فيغرق)
وَهُوَ من شَوَاهِد مُغنِي اللبيب. وحسر المَاء من بَاب ضرب: نضب عَن مَوْضِعه وغار. ويجم بِضَم الْجِيم وَكسرهَا: مضارع جم المَاء جموماً أَي: كثر وارتفع. ويغرق بِفَتْح الرَّاء: مضارع غرق بِكَسْرِهَا. وَفِي إِفْرَاد تَارَة أَولا وَجَمعهَا ثَانِيًا إشارةٌ إِلَى أَن غَلَبَة الْبكاء عَلَيْهِ هِيَ غَالب أَحْوَاله.
وَجُمْلَة يحسر المَاء وَقعت خَبرا عَن قَوْله إِنْسَان عَيْني وَهِي خَالِيَة عَن رابط مَحْذُوف أَي: يحسر المَاء عَنهُ وَقيل: هُوَ آل فِي المَاء لنيابتها عَن الضَّمِير وَالْأَصْل مَاؤُهُ وَقيل هُوَ على تَقْدِير أَدَاة الشَّرْط وَقدره شَارِح ديوَان ذِي الرمة مُحَمَّد بن حبيب: إِذا وَقدره غَيره: إِن وَهُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهَا أم الْبَاب فَلَمَّا حذفت ارْتَفع الْفِعْل وَالْجُمْلَة الشّرطِيَّة إِذا وَقعت خَبرا لم يشْتَرط كَون الروابط فِي الشَّرْط بل فِي أَيهمَا من الشَّرْط وَالْجَزَاء وجد كفى.
وَقَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي تبعا لأبي حَيَّان: الْفَاء السَّبَبِيَّة نزلت الجملتين منزلَة جملَة وَاحِدَة فاكتفي مِنْهُمَا بضمير وَاحِد فَالْخَبَر مجموعهما.)
وَأنْشد بعده وَهُوَ الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الْمِائَة
(أَلا يَا نَخْلَة من ذَات عرقٍ ... عَلَيْك وَرَحْمَة الله السَّلَام)
على أَن الْجَار وَالْمَجْرُور صفة لنخلة قبل النداء والمنادى من قبل الشبيه بالمضاف. وَقَوله: عَلَيْك وَرَحْمَة الله السَّلَام مَذْهَب أبي الْحسن الْأَخْفَش: