وَلم يقدّر الشَّارِح هُنَا مَفْعُولا لنبك فَيحْتَمل أَنه جعل الْمَفْعُول بَين وَيحْتَمل أنّ نبك لَازم أَي: نُحدث الْبكاء بَين منَازِل هَذِه الْمَوَاضِع فَتكون بَين ظرفا للبكاء. وَهَذَا أولى لأنّ المبكيّ من أَجله تقدّم.)
وَهَذَا الْجَواب هُوَ الجيّد وَالْجَوَاب الأول غير جيد كَمَا بيّنّاه.
وَقَول الشَّارِح الْمُحَقق: وَكَذَا فِي غير هَذَا الْموضع أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا تقدم من قَوْلهم: مُطِرْنَا مَا بَين زبالة فالثعلبية فَإِن التَّقْدِير مَا بَين أَمَاكِن زبالة فأماكن الثعلبية.
وَمن قَوْلهم: هِيَ أحسن النَّاس مَا بَين قرن إِلَى قدم فإنّك تقدّر مَا بَين أَجزَاء قرن وَمَا بَين قرن فَقدم أَي: مَا بَين أَجزَاء قرن فأجزاء قدم وَمَا قرنا فَقدما: مَا بَين أَجزَاء قرن فأجزاء قدم.
وَكَذَا تقدّر فِي قَوْله تَعَالَى: مثلا مَا بعوضة فَمَا فَوْقهَا على قَول الْفراء: مَا بَين أَمْثَال بعوضة فأمثال فَوْقهَا. وَكَذَا يقدّر فِي قَوْلهم: الْحَمد لله مَا إهلالك إِلَى سرارك: مَا بَين أَوْقَات إهلالك.
وَسكت ابْن هِشَام عَن الْآيَة وَعَن قَوْلهم: مَا قرنا إِلَى قدم لوضوح التَّقْدِير.
وَقَالَ الدماميني: لم يتَعَرَّض إِلَى الِاعْتِذَار عَن بعوضة وَقرن على هَذَا القَوْل فتأمّله.
وَقد تأمّله بَعضهم فَقَالَ: وَغَايَة مَا يظْهر أَن تكون إِلَى الَّتِي الْفَاء بمعناها للمعيّة على مَا يَقُول الْكُوفِيُّونَ وَمعنى: مَا بَين قرن مَعَ قدم وَمَا بَين بعوضة مَعَ مَا فَوْقهَا: مَا بَينهمَا.
-
وَأما إِن بقيت إِلَى على مَعْنَاهَا فَلَا يظْهر لصِحَّة إِضَافَة بَين