لَا يستحي أَن يضْرب مثلا مَا بعوضةً فَمَا فَوْقهَا قَالَ: وَالْفَاء نائبة عَن إِلَى وَيحْتَاج على هَذَا القَوْل إِلَى أَن يُقَال: وَصحت إِضَافَة بَين إِلَى الدُّخُول لَا شتماله على مَوَاضِع أَو لِأَن التَّقْدِير بَين مَوَاضِع الدُّخُول انْتهى.
وَالثَّانِي: هُوَ قَول الْجرْمِي قَالَ أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف وَابْن هَاشم فِي الْمُغنِي: وَقَالَ الْجرْمِي: لَا تفِيد الْفَاء التَّرْتِيب فِي الْبِقَاع وَلَا فِي الأمطار بِدَلِيل
قَوْله: بَين الدُّخُول فحومل وَقَوْلهمْ: مُطِرْنَا مَكَان كَذَا فمكان كَذَا وَإِن كَانَ وُقُوع الْمَطَر فيهمَا فِي وَقت وَاحِد. انْتهى.
وَهَذَا أقرب من الْقَوْلَيْنِ الآخرين وأسهل. وَالْقَوْل الثَّانِي يحْتَاج إِلَى مَعُونَة وَقد بَينهَا ابْن هِشَام بقوله: وَيحْتَاج على هَذَا القَوْل إِلَى أَن يُقَال: وَصحت إِضَافَة بَين إِلَى الدُّخُول لاشْتِمَاله على الْمَوَاضِع ... . إِلَخ.
وَذَلِكَ لِأَن الدُّخُول مُفْرد وَالْفَاء غَايَة وَبَين مَوضِع للتوسط إِنَّمَا بَين اثْنَيْنِ منفصلين نَحْو: المَال بَين زيد وَعَمْرو وَإِمَّا بَين اثْنَيْنِ مُجْتَمعين فِي لَفْظَة نَحْو: المَال بَين الرجلَيْن وَإِمَّا بَين جمَاعَة مفرقة نَحْو: المَال بَين زيد وَعَمْرو وَبكر وَإِمَّا بَين جمَاعَة مجتمعة فِي لَفظه نَحْو: المَال بَين الرِّجَال أَو بَين الْقَوْم فَلَا تُضَاف إِلَى مُفْرد لفظا وَمعنى إِلَّا أَن أول بِمَا يدل على التَّعَدُّد. وَفِيه أَيْضا تكلّف وَهُوَ ادِّعَاء حذف مَا.)
وَهَذَا لَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين سَوَاء كَانَت مَا مَوْصُولَة إِذْ لَا يحذف الْمَوْصُول وَتبقى صلته أم مَوْصُوفَة إِذْ شَرط حذف الْمَوْصُوف بِالْجُمْلَةِ أَو بالظرف أَن يكون بَعْضًا من مجرور بِمن أَو فِي.
وَإِنَّمَا احْتَاجَ إِلَى تقديرها لِأَن نبك فعل مُتَعَدٍّ بِنَفسِهِ يطْلب مَفْعُولا