ضمير الطعنة وَلَا يُرِيد أَن فَزَارَة مَرْفُوع بهَا وَإِلَّا لما كَانَ لقَوْله: أحقت فَزَارَة وَجه. وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ ليفرق بَين مَا فِي الْآيَة وَبَين مَا فِي الْبَيْت فَأفَاد أَنَّهَا فِي الْبَيْت متعدية وَلذَا قَالَ أحقت بِالْألف.
قَالَ أَبُو جَعْفَر النّحاس: وَعِنْدِي عَن أبي الْحسن فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ: أَي: أحقت فَزَارَة بِالْألف.
انْتهى.
وَقَالَ الأعلم: الشَّاهِد فِي قَوْله: جرمت فَزَارَة وَمَعْنَاهُ على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ حقتها للغضب.
وَغَيره يزْعم أَن معنى: جرمت فَزَارَة أَن يغضبوا أكسبتهم الْغَضَب من قَوْله عَزَّ وَجَلَّ: لَا يجرمنكم شنآن قوم. وَيُقَال: حققته أَن يفعل بِمَعْنى أحققته. وحققته أَي: جعلته حَقِيقا بِفِعْلِهِ. انْتهى.
وَكَأن رِوَايَته فِي الْكتاب: أَي: حقت فَزَارَة بِلَا ألف. وحقت متعدية كَمَا بَينهَا.)
وَيدل لما قُلْنَا أَيْضا قَول ابْن السَّيِّد فِي شرح أَبْيَات أدب الْكَاتِب قَالَ: قَوْله: جرمت فَزَارَة بعْدهَا أَن يغضبوا أَي: كسبت فَزَارَة الْغَضَب عَلَيْك. وَقَول
الْفراء: وَلَيْسَ قَول من قَالَ: حق لفزارة الْغَضَب بِشَيْء ردا مِنْهُ على سِيبَوَيْهٍ والخليل لِأَن مَعْنَاهُ عِنْدهمَا: أحقت فَزَارَة الْغَضَب.
فَأن يغضبوا على تأويلهما مفعول سقط مِنْهُ حرف الْجَرّ وَهُوَ على قَول الْفراء مفعول لَا تَقْدِير فِيهِ لحرف الْجَرّ. وكلا التَّأْويلَيْنِ صَحِيح وَجُمْلَة جرمت فَزَارَة: صفة لطعنة كَأَنَّهُ قَالَ: طعنة جازمة. انْتهى.
وَكَأَنَّهُ لم يقف على كَلَام الْفراء. وَهَذَا نَصه فِي تَفْسِيره عِنْد قَوْله تَعَالَى: لَا جرم أَنهم فِي الْآخِرَة هم الأخسرون من سُورَة هود قَالَ قَوْله: لَا جرم أَنهم كلمة كَانَت فِي الأَصْل وَالله أعلم بِمَنْزِلَة لَا بُد أَنَّك قَائِم