وَأنْشد بعده

(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

وَهُوَ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ:

(وَلَقَد طعنت أَبَا عُيَيْنَة طعنةً ... جرمت فَزَارَة بعْدهَا أَن يغضبوا)

على أَن سِيبَوَيْهٍ قَالَ: جرم فِي الْبَيْت: فعل مَاض بِمَعْنى حق وفَزَارَة: فَاعل وأَن وَقَالَ الْفراء: بل الرِّوَايَة بِنصب فَزَارَة أَي: كسبت الطعنة فَزَارَة الْغَضَب أَي: جرمت لَهُم الْغَضَب. هَذَا كَلَام الشَّارِح وَلَيْسَ فِي كَلَام سِيبَوَيْهٍ مَا نَقله عَنهُ وَهَذَا نَصه: وَأما قَوْله تَعَالَى: لَا جرم أَن لَهُم النَّار وَأَنَّهُمْ مفرطون فَإِن جرم عملت لِأَنَّهَا فعل وَمَعْنَاهَا: لقد حق أَن لَهُم النَّار وَلَقَد اسْتحق أَن لَهُم النَّار.

وَقَول الْمُفَسّرين: مَعْنَاهَا حَقًا أَن لَهُم النَّار يدلك على أَنَّهَا بِمَنْزِلَة هَذَا الْفِعْل إِذا مثلت.

-

فجرم بعد لَا عملت فِي أَن عَملهَا فِي قَول الْفَزارِيّ:

(وَلَقَد طعنت أَبَا عُيَيْنَة طعنةً ... جرمت فَزَارَة بعْدهَا أَن يغضبوا)

أَي: أحقت فَزَارَة.

وَزعم الْخَلِيل أَن جرم إِنَّمَا تكون جَوَابا لما قبلهَا من الْكَلَام يَقُول الرجل: كَانَ كَذَا وَكَذَا فَتَقول: لَا جرم أَنهم سيندمون وَأَنه سَيكون كَذَا وَكَذَا. انْتهى كَلَامه.

فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي أَن فَزَارَة: فَاعل وَأَن يغضبوا: بدل وَإِنَّمَا أورد الْبَيْت تأييداً لكَون جرم فِي الْآيَة وَنَحْوهَا فِي الأَصْل فعلا يرفع الْفَاعِل وفاعلها فِي الْبَيْت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015