قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي: وَالظَّاهِر أَن الْبَاء وَالْكَاف للتَّعْلِيل وَأَن مَا مَعَهُمَا مَصْدَرِيَّة: وَقد سلم أَن كلا من الْكَاف وَالْبَاء يَأْتِي للتَّعْلِيل مَعَ عدم مَا كَقَوْلِه تَعَالَى: فبظلم من الَّذين هادوا حرمنا عَلَيْهِم طَيّبَات. وَقُرِئَ: وي كَأَنَّهُ لَا يفلح الْكَافِرُونَ.
وَقَالَ: التَّقْدِير: أعجب لعدم فلاح الْكَافرين. ثمَّ الْمُنَاسب فِي الْبَيْت معنى التكثير لَا التقليل.
انْتهى. وَهَذَا مَأْخُوذ من شرح التسهيل لأبي حَيَّان. ومثاله مَا أنْشدهُ ابْن مَالك والمرادي فيشرح الألفية وَابْن هِشَام فِي الْمُغنِي:
(فلئن صرت لَا تحير جَوَابا ... لبما قد ترى وَأَنت خطيب)
تحير: مضارع أحار بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي: أجَاب. يُقَال: كَلمته فَلم يحر جَوَابا أَي: لم يردهُ. وَاللَّام فِي لَئِن موطئة للقسم لَا للتَّأْكِيد كَمَا وهم الْعَيْنِيّ.
وَقَوله: لبما اللَّام فِي جَوَاب الْقسم وَمَا بعْدهَا جَوَاب الْقسم لَا جَوَاب الشَّرْط كَمَا وهم الْعَيْنِيّ)
أَيْضا.
وَقد ترى بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول. والرؤية بصرية لَا ظنية كَمَا زعم الْعَيْنِيّ. وَجُمْلَة وَأَنت خطيب: حَالية.
-
وَالْبَيْت فِي رثاء ميت يَقُول: إِن صرت الْآن لَا ترد جَوَابا لمن يكلمك فكثيراً مَا ترى وَأَنت خطيب بِلِسَان الْحَال فَإِن من نظر إِلَى قبرك وتذكر مَا كنت عَلَيْهِ وَمَا ألت الْآن إِلَيْهِ اتعظ بذلك.
وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد كثيرا مَا رئيت فِي حَال الْحَيَاة خَطِيبًا. إِلَّا أَنه عبر بالمضارع لاستحضار تِلْكَ الْحَالة.