ابْن ثَعْلَبَة من حكام ربيعَة وفرسانها الْمَعْدُودين وَكَانَ اعتزل حَرْب بني وَائِل وَتَنَحَّى بأَهْله وَولده وَولد إخْوَته وأقاربه وَحل وتر قوسه وَنزع سِنَان رمحه وَلم يزل مُعْتَزِلا حَتَّى إِذا كَانَ فِي آخر وقائعهم خرج ابْن أَخِيه بجير بن عَمْرو بن عباد فِي أثر إبل لَهُ ندت يطْلبهَا فَعرض لَهُ مهلهل فِي جمَاعَة يطْلبُونَ غرَّة بكر بن وَائِل فَقَالَ لمهلهل امْرُؤ الْقَيْس بن أبان بن كَعْب بن زُهَيْر بن جشم وَكَانَ من أَشْرَاف بني تغلب وَكَانَ
على مقدمتهم زَمَانا طَويلا لَا تفعل فو الله لَئِن قتلته ليقْتلن بِهِ مِنْكُم كَبْش لَا يسْأَل عَن خَاله من هُوَ وَإِيَّاك أَن تحقر الْبَغي فَإِن عاقبته وخيمة وَقد اعْتَزَلنَا عَمه وَأَبوهُ وَأهل بَيته وَقَومه فَأبى مهلهل إِلَّا قَتله فطعنه بِالرُّمْحِ وَقَتله وَقَالَ بؤ بشسع نعل كُلَيْب يُقَال أبأت فلَانا بفلان فباء بِهِ إِذا قتلته بِهِ وَلَا يكَاد يسْتَعْمل هَذَا إِلَّا وَالثَّانِي كُفْء للْأولِ فَبلغ فعل مهلهل عَم بجير وَكَانَ من أحلم أهل زَمَانه وأشدهم بَأْسا فَقَالَ الْحَارِث نعم الْقَتِيل قَتِيل أصلح بَين أبني وَائِل فَقيل لَهُ إِنَّمَا قتل بشسع نعل كُلَيْب فَلم يقبل ذَلِك وَأرْسل الْحَارِث إِلَى مهلهل إِن كنت قتلت بجيرا بكليب وانقطعت الْحَرْب بَيْنكُم وَبَين إخْوَانكُمْ فقد طابت نَفسِي بذلك فَأرْسل إِلَيْهِ مهلهل إِنَّمَا قتلته بشسع نعل كُلَيْب فَغَضب الْحَارِث ودعا بفرسه وَكَانَت تسمى النعامة فجز ناصيتها وهلب ذنبها وَهُوَ أول من فعل ذَلِك بِالْخَيْلِ وَقَالَ
(قربا مربط النعامة مني ... لقحت حَرْب وَائِل عَن حِيَال)
(لَا بجير أغْنى قَتِيلا وَلَا رَهْط ... كُلَيْب تزاجروا عَن ضلال)
...