على أَن الزَّمَان يسند إِلَيْهِ كثيرا مَا يَقع فِيهِ فَإِن النّوم يَقع فِي اللَّيْل وَقد أسْند إِلَيْهِ مجَازًا عقليا كَقَوْل رؤبة (الرجز)

(فَنَامَ ليلِي وتجلى همي)

فَإِن قلت إِن الشَّاعِر قد نفى النّوم عَن اللَّيْل فَكيف ذَلِك مَعَ قَول الشَّارِح بِأَن النّوم قد أسْند إِلَى اللَّيْل قلت النَّفْي فرع الْإِثْبَات وَقد أوردهُ سِيبَوَيْهٍ على أَن وصف اللَّيْل بِأَنَّهُ غير نَائِم على طَرِيق الاتساع وَاللَّيْل لَا ينَام وَلَا يُوصف بِأَنَّهُ غير نَائِم لِأَنَّهُ لَيْسَ من الْحَيَوَان وَكَانَ حَقه بمنوم فِيهِ وَأَرَادَ وَمَا ليل أَصْحَاب الْمطِي فَحذف وَأَرَادَ بأصحاب الْمطِي من يركب ويسافر فَلَا يَنْبَغِي أَن ينَام من أول اللَّيْل إِلَى آخِره وَأم غيلَان قَالَ ابْن خلف هِيَ بنت جرير يَقُول لمتنا فِي تركنَا النّوم واشتغالنا بالسرى والمطي جمع مَطِيَّة وَهِي الرَّاحِلَة الَّتِي يمتطى ظهرهَا أَي يركب والسرى سير اللَّيْل وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة لجرير يرد بهَا على الفرزدق مطْلعهَا (الطَّوِيل)

(لَا خير فِي مستعجلات الملاوم ... وَلَا فِي حبيب وَصله غير دَائِم)

(تركت الصِّبَا من رهبة أَن يهيجني ... بتوضح رسم الْمنزل المتقادم)

وَقَالَ صَحَابِيّ مَاله قلت حَاجَة ... تهيج صدوع الْقلب بَين الحيازم)

(تَقول لنا سلمى من الْقَوْم أَن رَأَتْ ... وُجُوهًا عتاقا لوحت بالسمائم)

(لقد لمتنا يَا أم غيلَان بالسرى الْبَيْت)

والملاوم جمع ملامة والمستعجلات بِكَسْر الْجِيم والحيازم جمع حيزوم وَهُوَ وسط الصَّدْر وَقَوله من الْقَوْم بالاستفهام وَأَن رَأَتْ بِفَتْح همزَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015