وَاخْتَارَهُ أَيْضا قدامَة وَلَيْسَ عِنْدِي بِأَفْضَل من قَول امْرِئ الْقَيْس إِلَّا بشرف الصِّفَات:
إِذا أَقبلت قلت دباءة ... ... ... الأبيات الثَّلَاث)
وَلَو لم يكن إِلَّا بنسق هَذَا الْكَلَام بعضه على بعض وَانْقِطَاع ذَلِك بعضه من بعض. اه.
وَتَقَدَّمت تَرْجَمَة امْرِئ الْقَيْس فِي الشَّاهِد التَّاسِع وَالْأَرْبَعِينَ من أول الْكتاب.
وَأنْشد بعده
مجزوء الوافر
(تنادوا بالرحيل غَدا ... وَفِي ترحالهم نَفسِي)
على أَن جملَة الرحيل غَدا من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر محكية بقول مَحْذُوف عِنْد الْبَصرِيين وَالتَّقْدِير: تنادوا بقَوْلهمْ: الرحيل غَدا. وَعند الْكُوفِيّين محكية بتنادوا فَإِنَّهُ يجوز عِنْدهم الْحِكَايَة بِمَا فِي معنى القَوْل فَإِن تنادوا مَعْنَاهُ نَادَى على كل مِنْهُم الآخر وَرفع صَوته بِهَذَا اللَّفْظ وَهُوَ الرحيل غَدا.
وَهَذَا الْبَيْت أنْشدهُ ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة وَقَالَ: أجَاز أَبُو عَليّ فِي الرحيل ثَلَاثَة أوجه: الْجَرّ وَالرَّفْع وَالنّصب على الْحِكَايَة. فكأنهم قَالُوا: الرحيل غَدا أَو نرحل الرحيل غَدا أَو نجْعَل الرحيل غَدا أَو أَجمعُوا الرحيل غَدا. فتحكى الْمَرْفُوع والمنصوب. اه.