وَكَانَ أَبُو محجن هَذَا من الشجعان الْأَبْطَال فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام من أولي الْبَأْس والنجدة وَمن الفرسان البهم. وَكَانَ شَاعِرًا مطبوعاً كَرِيمًا إِلَّا أَنه كَانَ منهمكاً بِالشرابِ لَا يكَاد يقْلع عَنهُ وَلَا يردعه حدٌّ وَلَا لوم لائم. وَكَانَ أَبُو بكر الصّديق يَسْتَعِين بِهِ.

وَجلده عمر بن الْخطاب فِي الْخمر مرَارًا ونفاه إِلَى جَزِيرَة فِي الْبَحْر وَبعث مَعَه رجلا فهرب مِنْهُ وَلحق بِسَعْد بن أبي وَقاص بالقادسية. وَهُوَ محاربٌ للْفرس. وَكَانَ قد هم بقتل الرجل الَّذِي بَعثه عمر مَعَه فأحس الرجل بذلك وَخرج فَارًّا وَلحق

بعمر وَأخْبرهُ خَبره فَكتب عمر إِلَى سعد بِحَبْس أبي محجن فحبسه.

حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج قَالَ: بَلغنِي أَن عمر بن الْخطاب حد أَبَا محجن الثَّقَفِيّ سبع مَرَّات. ذكر ذَلِك عبد الرَّزَّاق فِي بَاب من حد من الصَّحَابَة فِي الْخمر.

قَالَ: وَأخْبرنَا معمر عَن أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين: قَالَ: كَانَ أَبُو محجن الثَّقَفِيّ لَا يزَال يجلد فِي الْخمر فَلَمَّا كثر عَلَيْهِم سجنوه وأوثقوه فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْقَادِسِيَّة رَآهُمْ يقتتلون فَكَأَنَّهُ رأى أَن الْمُشْركين قد أَصَابُوا من الْمُسلمين فَأرْسل إِلَى أم ولد سعد أَو إِلَى امْرَأَة سعد يَقُول لَهَا: إِن أَبَا محجن يَقُول لَك: إِن خليت سَبيله وَحَمَلته على هَذَا الْفرس وَدفعت إِلَيْهِ سِلَاحا لَيَكُونن أول من يرجع إِلَيْك إِلَّا أَن يقتل.

وَأنْشد يَقُول: الطَّوِيل

(كفى حزنا أَن تلتقي الْخَيل بالقنا ... وأترك مشدوداً عَليّ وثاقيا)

...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015