معنى هَذَا الْبَيْت أَن هَذِه الْمَرْأَة أَصبَحت تَدعِي عَليّ ذَنبا وَهُوَ الشيب والصلع وَالْعجز وَغير ذَلِك من مُوجبَات الشيخوخة وَلم يقل ذنوبا بل قَالَ ذَنبا لِأَن المُرَاد كبر السن الْمُشْتَمل على كل عيب وَلم أصنع شَيْئا من ذَلِك الذَّنب وَلم ينصب كُله لِأَنَّهُ لَو نَصبه مَعَ تقدمه على ناصبه لأفاد تَخْصِيص النَّفْي بِالْكُلِّ وَيعود دَلِيلا على أَنه فعل بعض ذَلِك الذَّنب وَمرَاده تَنْزِيه نَفسه عَن كل جُزْء مِنْهُ فَلذَلِك رَفعه إِيذَانًا مِنْهُ بِأَنَّهُ لم يصنع شَيْئا مِنْهُ قطّ بل كُله بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ غير مَصْنُوع ثمَّ قَالَ وَلقَائِل أَن يَقُول لما كَانَ الضَّمِير فِي كُله عَائِدًا إِلَى ذَنبا وَهُوَ نكرَة والنكرة لوَاحِد غير معِين لابد أَن يكون الْمُضمر هُوَ ذَلِك الذَّنب الَّذِي لَيْسَ بِمعين فَقَط لإعادة الضَّمِير بِهِ فَلَا يكون نَفْيه نفيا لجَمِيع الذُّنُوب فَلَا يلْزم مَا ذكره من تَنْزِيه نَفسه من جملَة الذُّنُوب لَا يُقَال إِن الضَّمِير لما كَانَ عبارَة عَن النكرَة الْمَذْكُورَة وَدخُول النَّفْي عَلَيْهَا يَقْتَضِي الْعُمُوم فدخول النَّفْي عَلَيْهِ أَيْضا يَقْتَضِي ذَلِك لأَنا نقُول إِن الْفرق ظَاهر بَين قَوْلنَا لم أصنع ذَنبا وَبَين قَوْلنَا لم أصنع ذَلِك الذَّنب الْمَذْكُور الَّذِي لَيْسَ بِمعين فِي اقْتِضَاء الأول الْعُمُوم دون الثَّانِي ا. هـ.
وَقَوله وَلقَائِل أَن يَقُول إِلَخ فِيهِ إِنَّه قَالَ أَولا إِن قَالَ أَولا إِن ذَنْب الشيخوخة يسْتَلْزم ثُبُوته جَمِيع الذُّنُوب وَحِينَئِذٍ نَفْيه يسْتَلْزم نفي جَمِيع الذُّنُوب وَقَوله والنكرة لوَاحِد غير معِين فِيهِ أَنه حمل الذَّنب \ سَابِقًا على كبر السن الْمُشْتَمل على كل عيب فَالْمُرَاد بِهِ معِين وَأفَاد أَن كلا حِينَئِذٍ لاستغراق أَجزَاء هَذَا الذِّئْب الْمعِين فَإِن رفع كل أَفَادَ استغراق جَمِيع أَجزَاء ذَلِك الذَّنب وَإِن نصب كل أَفَادَ سلب الْعُمُوم لجَمِيع الْأَجْزَاء وَاقْتضى ثُبُوت بعض الْأَجْزَاء فَهَذَا الْبَحْث غير وَارِد فَتَأمل