ثَانِيًا كَمَا تَقول تركت زيدا فَقِيه الْبَلَد إِذا كنت أَنْت الَّذِي فقهته وعلمته وَمِنْه قَوْله سُبْحَانَهُ (تركناها آيَة) أَي جعلناها وصيرناها وَإِن كَانَت بِمَعْنى خلفتك كَانَ ذَا مَال حَالا كَمَا تَقول تركت زيدا وَهُوَ فَقِيه الْبَلَد انْتهى وَقد للتحقيق وَقَالَ اللَّخْمِيّ يجوز أَن تكون للتوقع أَيْضا وَالْمَال قَالَ
اللَّخْمِيّ فِي شرح فصيح ثَعْلَب هُوَ عِنْد الْعَرَب الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَلَا يُقَال لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّة مَال وَإِنَّمَا يُقَال لَهما ناض وَأقله مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وَمَا نقص عَن ذَلِك فَلَيْسَ بِمَال وَحكى أَبُو عمر صَاحب الياقوته المَال الصَّامِت والناطق فالصامت الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم والجواهر والناطق الْبَعِير وَالْبَقَرَة وَالشَّاة قَالَ وَمِنْه قَوْلهم مَاله صَامت وَلَا نَاطِق وَمِنْهُم من أوقع المَال على جَمِيع مَا يملكهُ الْإِنْسَان وَهُوَ الصَّحِيح انْتهى وَيشْهد لِلْقَوْلِ الْأَخير قَوْله تَعَالَى (وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم وَهَذَا لَا يخص شَيْئا دون شَيْء والنشب بالشين الْمُعْجَمَة قيل بِمَعْنى جَمِيع مَا يملك بِمَعْنى المَال وَقيل المَال الْأَصِيل الثَّابِت بِمَعْنى الْعقار كالدور والضياع مَأْخُوذ من نشب الشَّيْء إِذا ثَبت فِي مَوضِع لُزُومه فعلى الأول يكون من عطف المترادفين للتوكيد وعَلى الثَّانِي يكون من عطف الْخَاص على الْعَام وَإِن فسر المَال بِغَيْر القَوْل الْأَخير كَانَ من عطف المتقابلين وَقَالَ الأعلم قد قيل إِن النشب هُنَا جَمِيع المَال فَيكون عطفه على الأول مُبَالغَة وتوكيدا وسوغ ذَلِك أختلاف اللَّفْظَيْنِ وَهَذَا كَلَامه فَتَأَمّله وَهَذِه رِوَايَة سِيبَوَيْهٍ فِي كِتَابه وَلم يَخْتَلِفُوا فِيهِ وَرَوَاهُ الهجري فِي نوادره ذَا نسب بِالسِّين الْمُهْملَة قَالَ اللَّخْمِيّ وَأَبُو الْوَلِيد