فَإِذا اخْتَصَمُوا فِي أمرٍ أَو أَرَادوا سفرا أَو عملا أَتَوْهُ فاستقسموا بِالْقداحِ عِنْده فَمَا خرج عمِلُوا بِهِ وانتهوا إِلَيْهِ.
وَكَانَ لَهُم إسافٌ ونائلة لما مسخا حجرين وضعا عِنْد الْكَعْبَة ليتعظ النَّاس بهما فَلَمَّا طَال مكثهما وعبدت الْأَصْنَام عبدا مَعهَا وَكَانَ أَحدهمَا بلصق الْكَعْبَة وَالْآخر فِي مَوضِع زَمْزَم فنقلت قريشٌ الَّذِي كَانَ بلصق الْكَعْبَة إِلَى الآخر. وَكَانُوا ينحرون ويذبحون عِنْدهمَا.
فَلَمَّا ظهر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم فتح مَكَّة وَدخل الْمَسْجِد والأصنام مَنْصُوبَة حول الْكَعْبَة فَجعل يطعن بِسِيَةِ قوسه فِي عيونها ووجوهها وَيَقُول: جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقا ثمَّ أَمر فكفئت على وجوهها ثمَّ أخرجت من الْمَسْجِد فحرقت فَقَالَ فِي ذَلِك رَاشد بن عبد الله السّلمِيّ: الْكَامِل
(قَالَت هَلُمَّ إِلَى الحَدِيث فَقلت لَا ... يَأْبَى الْإِلَه عَلَيْك وَالْإِسْلَام)
(أَو مَا رَأَيْت مُحَمَّدًا وقبيله ... بِالْفَتْح حِين تكسر الْأَصْنَام))
(لرأيت نور الله أضحى ساطعاً ... والشرك يغشى وَجهه الإظلام)
وَكَانَ لَهُم أَيْضا منَاف وسمت بِهِ عبد منَاف وَلَا أَدْرِي أَيْن كَانَ وَلَا من نَصبه وَلم تكن الْحيض من النِّسَاء تَدْنُو من أصنامهم وَلَا تمسح بهَا إِنَّمَا كَانَت تقف نَاحيَة مِنْهَا.
وَكَانَ لأهل كل دارٍ من مَكَّة صنم فِي دَارهم يعبدونه فَإِذا أَرَادَ أحدهم السّفر كَانَ آخر مَا يصنع فِي منزله أَن يتمسح بِهِ وَإِذا قدم من سَفَره كَانَ أول مَا يصنع إِذا دخل منزله أَن يتمسح بِهِ.
فَلَمَّا بعث الله نبيه وأتاهم بتوحيد الله وعبادته قَالُوا: أجعَل الْآلهَة إِلَهًا وَاحِدًا إِن هَذَا لشيءُ عُجاب يعنون الْأَصْنَام.
واستهترت الْعَرَب فِي عبادتها فَمنهمْ من اتخذ بَيْتا وَمِنْهُم من اتخذ صنماً وَمن لم يقدر عَلَيْهِ وَلَا على بِنَاء بَيت نصب حجرا أَمَام الْحرم وأمام غَيره مِمَّا اسْتحْسنَ ثمَّ طَاف بِهِ كطوافه بِالْبَيْتِ وسموها الأنصاب.
فَإِذا كَانَت تماثيل دَعُوهَا الْأَصْنَام والأوثان. وَسموا طوافهم الدوار. فَكَانَ الرجل إِذا سَافر فَنزل منزلا أَخذ أَرْبَعَة أَحْجَار فَنظر إِلَى أحْسنهَا فَاتخذ رَبًّا وَجعل ثَلَاث أثافي لقدره وَإِذا ارتحل غَيره فَإِذا نزل منزلا آخر فعل مثل ذَلِك فَكَانُوا ينحرون ويذبحون عِنْد كلهَا ويتقربون إِلَيْهَا وهم على ذَلِك عارفون بِفضل الْكَعْبَة عَلَيْهَا.
وَكَانَت بَنو مليح من خُزَاعَة وهم رَهْط طَلْحَة الطلحات يعْبدُونَ الْجِنّ
وَفِيهِمْ نزلت: إِن الَّذين تدعون من دون الله عبادٌ أمثالكم.
وَكَانَت من تِلْكَ الْأَصْنَام ذُو الخلصة وَتقدم شَرحه فِي أَوَائِل الْكتاب فِي الشَّاهِد السَّابِع وَكَانَ لمَالِك وملكان ابْني كنَانَة بساحل جدة صنم يُقَال لَهُ: سعد وَكَانَت صَخْرَة طَوِيلَة فَأقبل رجل مِنْهُم بإبلٍ لَهُ ليقفها عَلَيْهِ يتبرك بذلك فِيهَا فَلَمَّا أدناها مِنْهُ نفرت وَكَانَ يهراق عَلَيْهِ بالدماء فَذَهَبت فِي كل وَجه فَتَنَاول حجرا فَرَمَاهُ بِهِ وَقَالَ: