وَقَوْلهمْ: إِنَّهَا لَو كَانَت بِمَنْزِلَة عدد ينصب مَا بعده كثلاثين لَكَانَ يَنْبَغِي أَن لَا يجوز الْفَصْل. قُلْنَا: إِنَّمَا جَازَ فِيهَا جَوَازًا حسنا دون نَحْو ثَلَاثِينَ لِأَن كم منعت من بعض مَا لثلاثين من التَّصَرُّف فَجعل هَذَا عوضا مِمَّا منعته. أَلا ترى أَن ثَلَاثِينَ تكون فاعلة لفظا وَمعنى ومفعولة فَلَمَّا منعت كم من هَذَا جعل لَهَا ضربٌ من التَّصَرُّف ليَقَع التعادل. على أَنه جَاءَ الْفَصْل بَين ثَلَاثِينَ ومميزها فِي الشّعْر كَقَوْلِه:
(على أنني بعد مَا قد مضى ... ثَلَاثُونَ للهجر حولا كميلا)
انْتهى. وَقَوله: بجود مُتَعَلق بنال وَالْبَاء سَبَبِيَّة وَكم على هَذَا الْوَجْه مُبْتَدأ وَهِي خبرية ونال الْعلَا الْخَبَر. وَمن روى بِنصب مقرف فَهِيَ أَيْضا خبرية.
قَالَ أَبُو عَليّ: وَقد تجْعَل كم فِي الْخَبَر بِمَنْزِلَة عشْرين فينصب مَا بعْدهَا ويختار ذَلِك إِذا وَقع الْفَصْل بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ.
فَتكون كم أَيْضا مُبْتَدأ ونال الْعلَا الْخَبَر وَنصب مقرف على التَّمْيِيز. وَمن روى بِرَفْع مقرف فَهِيَ أَيْضا خبرية وموضعها نصب بِأَنَّهَا ظرف وَالْعَامِل فِيهَا نَالَ ومقرف: مُبْتَدأ ونال الْعلَا خَبره. وَإِنَّمَا لم تكن كم فِي الْخَبَر لِأَنَّهَا هُنَا ظرف زمَان.