وَقد اعتنى بشرح المقامات أفاضل الْعلمَاء شروحاً متنوعة تفوت الْحصْر وَالْعد. وَله أَيْضا درة الغواص وَله أَيْضا شروحٌ كَثِيرَة قد اجْتمع مِنْهَا عِنْدِي خَمْسَة شُرُوح. وَله أَيْضا ملحة الْإِعْرَاب فِي النَّحْو وَشَرحهَا أَيْضا. وَهُوَ عِنْد الْعلمَاء يعد ضَعِيفا فِي النَّحْو. وَله ديوَان رسائل وَشعر كثير. وَله قصائد اسْتعْمل فِيهَا التَّجْنِيس كثيرا. ويحكى أَنه كَانَ دميماً قَبِيح المنظر فَجَاءَهُ شخصٌ غَرِيب ليَأْخُذ عَنهُ فَلَمَّا رَآهُ استزرى شكله ففهم الحريري ذَلِك مِنْهُ فَلَمَّا التمس مِنْهُ أَن يملي عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ:
(فاختر لنَفسك غَيْرِي إِنَّنِي رجلٌ ... مثل المعيد فاسمع بِي وَلَا ترني)
فَخَجِلَ الرجل وَانْصَرف عَنهُ. وَكَانَت وِلَادَته سنة ستٍّ وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَتُوفِّي فِي سنة سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة بِالْبَصْرَةِ. والحريري نسبته إِلَى الْحَرِير وَعَمله أَو بَيْعه. وَكَانَ يزْعم أَنه من ربيعَة الْفرس وَكَانَ مُولَعا بنتف لحيته عِنْد الفكرة وَكَانَ يسكن فِي مشان الْبَصْرَة بِفَتْح الْمِيم والشين الْمُعْجَمَة وَهِي بليدَة فَوق الْبَصْرَة كَثِيرَة النّخل مَوْصُوفَة