وَأنْشد بعده
(رمى الله فِي عَيْني بثينة بالقذى ... وَفِي الغر من أنيابها بالقوادح)
على أَن الشَّيْء إِذا بلغ غَايَته يدعى عَلَيْهِ صونا عَن عين الْكَمَال كَمَا هُنَا. قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي الزَّاهِر: معنى قَوْله: رمى الله فِي عَيْني بثينة إِلَخ سُبْحَانَ الله مَا أحسن عينيها. من ذَلِك قَوْلهم: قَاتل الله فلَانا مَا أشجعه وأنياب الْقَوْم: ساداتهم أَي: رمى الله الْفساد والهلاك فِي سَادَات قَومهَا لأَنهم حالوا بَينهَا وَبَين زيارتي. انْتهى.
وَقَالَ المرزوقي فِي شرح الفصيح: قيل أَنه لم يدع عَلَيْهَا بذلك وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا يُقَال: قَاتله الله مَا أفرسه على وَجه التَّعَجُّب. وَحكى بعض أهل اللُّغَة أَن مِمَّا يشْهد لطريق التَّعَجُّب فِي مثل هَذَا أَن بَعضهم عدل عَن لفظ قَاتل إِلَى قاتع فَقَالَ: قاتعه الله مَا أشجعه ليزول الْمَكْرُوه من اللَّفْظ كَمَا لم يكن فِي الْمَعْنى. وَأحسن مِمَّا ذَكرْنَاهُ أَن يُقَال: أَرَادَ بالعينين رقيبيها وبالغر من أنيابها كرام ذويها وعشيرتها. وَالْمعْنَى: أفناهم الله وأراهم الْمُنْكَرَات. فَهُوَ فِي الظَّاهِر يشتمها وَفِي النِّيَّة يشْتم من يتَأَذَّى بِهِ فِيهَا. وَيُقَال: هم أَنْيَاب الْخلَافَة للمدافعين عَنْهَا. وَقيل أَرَادَ: بلغَهَا الله أقْصَى غايات الْعُمر حَتَّى تبطل عواملها وحواسها.
فالدعاء على هَذَا لَهَا لَا عَلَيْهَا. انْتهى. وَقَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ فِي شرح أمالي القالي: قد تَأَوَّلَه قوم على أَنه