(لقد كَانَ إِخْرَاج الفرزدق عَنْهُم ... طهُورا لما بَين الْمصلى وواقم)
فَاجْتمع أَشْرَاف الْمَدِينَة إِلَى مَرْوَان بن الحكم وَكَانَ والياً بهَا فَقَالُوا: مَا يصلح أَن يُقَال مثل هَذَا الشّعْر بَين أَزوَاج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقد أوجب عَلَيْهِ الْحَد فَقَالَ مَرْوَان: لست أحده وَلَكِن أكتب إِلَى من يحده. فَأمره مَرْوَان بِالْخرُوجِ من الْمَدِينَة وأجله ثَلَاثَة أَيَّام فَفِي ذَلِك قَالَ:
(توعدني وأجلني ثَلَاثًا ... كَمَا وعدت لمهلكها ثَمُود)
ثمَّ كتب لَهُ كتابا إِلَى عَامله يَأْمُرهُ فِيهِ بِأَن يحده ويسجنه وأوهمه أَن كتب لَهُ بجائزة.
ثمَّ نَدم على مَا فعل فَوجه عَنهُ رجلا وَقَالَ لَهُ: أنْشدهُ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ: قل للفرزدق والسفاهة كاسمها فَفطن الفرزدق لما أَرَادَ فَرمى الصَّحِيفَة وَقَالَ الأبيات الثَّلَاثَة وَخرج هَارِبا حَتَّى أُتِي سعيد بن العَاصِي وَعِنْده الْحسن وَالْحُسَيْن وَعبد الله بن جَعْفَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم فَأخْبرهُم الْخَبَر فَأمر لَهُ كل واحدٍ مِنْهُم بِمِائَة دِينَار وراحلة وَتوجه إِلَى الْبَصْرَة. وَقيل لمروان: أَخْطَأت فِيمَا فعلت كَأَنَّك عرضت عرضك لشاعر مُضر فَوجه وَرَاءه رَسُوله وَمَعَهُ مائَة دِينَار وراحلةٌ خوفًا من هجائه.