كسيبويه لم يلْتَزم اتِّحَاد الْعَامِل فيهمَا فجوز أَن يكون الْعَامِل فِي الْمُبْتَدَأ الأبتداء وَفِي الْحَال مِنْهُ الانتساب وَاعْترض بِأَن الانتساب عَامل ضَعِيف لَا يتَحَقَّق إِلَّا بتقدم الطَّرفَيْنِ عَلَيْهِ وَأجِيب بِأَن قوه طلب الْمُبْتَدَأ لخبره جعلته فِي حكم الْمُتَقَدّم وَلَا يجوز أَيْضا أَن يكون مَفْعُولا لأَجله كَمَا اخْتَارَهُ الْعَيْنِيّ سَوَاء كَانَ عِلّة لنبئت لِأَنَّهُ لم ينبأ لأجل ظلمهم أَو للاستقرار لِأَنَّهُ تقدم على عَامله الْمَعْنَوِيّ أَو للفديد لِأَنَّهُ يلْزم تقدم مَعْمُول الْمصدر عَلَيْهِ وَقيل تَمْيِيز من لَهُم فديد أَي يصيحون ظلما لَا عدلا وَفِيه أَن التَّمْيِيز لَا يتَقَدَّم على عَامله وَقيل هُوَ مفعول مُطلق عَامله من لَفظه محذوفا وَقَالَ الْعَيْنِيّ وَيجوز أَن يكون حَالا بِتَقْدِير جملَة أَي فِي حَال كَونهم يظْلمُونَ علينا ظلما فحذفت الْجُمْلَة الَّتِي وَقعت حَالا وأقيم الْمصدر مقَامهَا وَلَا يخفى أَن هَذِه الْوُجُوه كلهَا ظَاهر فِيهَا التعسف وَقَوله علينا أما مُتَعَلق بظلما أَو بقوله لَهُم وَلَا حَاجَة حِينَئِذٍ إِلَى تضمين الفديد معنى الْجور خلافًا للعيني لِأَنَّهُ يتَعَدَّى
بعلى وَقَوله لَهُم خبر مقدم لقَوْله فديد وَهُوَ بإشباع ضمة الْمِيم وإسكانها خطأ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى جعل كل مصراع من بَحر وَذَلِكَ لَا يجوز كَمَا بَينه الدماميني فِي الْحَاشِيَة الْهِنْدِيَّة وَأعلم أَن الرِّوَايَة يزِيد بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة وَرَوَاهُ ابْن يعِيش بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّة قَالَ ابْن الْحَاجِب فِي الْإِيضَاح وَمن رَوَاهُ بالفوقية فقد تنطع وتبجح بِأَنَّهُ قد علم أَن فِي الْعَرَب تزيد بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّة وَإِلَيْهِ تنْسب البرود التزيديه وَهُوَ مَرْدُود من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن الرِّوَايَة هُنَا بالتحتية وَالثَّانِي أَن تزيد بالفوقية فِي كَلَامهم مُفْرد لَا جملَة قَالَ