وَلَا يخفى أَنه لم يعين معنى مَاذَا بعد هَذَا الترديد هَل هِيَ اسْتِفْهَام أَو مَوْصُول. وَذهب ابْن عُصْفُور إِلَى أَن مَا استفهامية وذَا مَوْصُولَة وَقَالَ: لَا يكون مَاذَا مَفْعُولا لدعي لِأَن الِاسْتِفْهَام لَهُ الصَّدْر. وَلَا لعَلِمت لِأَنَّهُ لم يرد أَن

يستفهم عَن معلومها مَا هُوَ. وَلَا لمَحْذُوف يفسره سأتقيه لِأَن علمت حينئذٍ لَا مَحل لَهُ. بل مَا اسْتِفْهَام مُبْتَدأ وَذَا مَوْصُول خبر وَعلمت صلَة وعلق دعِي عَن الْعَمَل بالاستفهام. اه. وَلَا يخفى أَن هَذَا مبنيٌّ على رِوَايَة كسر التَّاء من علمت وَأما على رِوَايَة ضمهَا فَلَا اسْتِفْهَام إِذْ الْمَعْنى: دعِي مَا عَلمته أَنا وخبريني مَا جهلته. وَأورد عَلَيْهِ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي بعد نقل كَلَامه أَن قَوْله لم يرد أَن يستفهمها عَن معلومها لازمٌ لَهُ إِذا جعل مَاذَا مُبْتَدأ وخبراً. ودعواه تَعْلِيق دعِي مردودةٌ لِأَنَّهَا لَيست من أَفعَال الْقُلُوب فَإِن قَالَ: إِنَّمَا أردْت أَنه قدر الْموقف على دعِي فاستأنف مَا بعده رده قَول الشَّاعِر: وَلَكِن فَإِنَّهَا لَا بُد أَن يُخَالف مَا بعْدهَا مَا قبلهَا والمخالف هُنَا دعِي فَالْمَعْنى دعِي كَذَا وَلَكِن افعلي كَذَا. وعَلى هَذَا فَلَا يَصح اسْتِئْنَاف مَا بعد دعِي لِأَنَّهُ لَا يُقَال من فِي الدَّار فإنني أكْرمه وَلَكِن أَخْبرنِي عَن كَذَا. اه. وَذهب أَبُو عَليّ فِي الْمسَائِل المنثورة إِلَى أَن مَاذَا بِمَعْنى شَيْء نكرَة. قَالَ: وَلَا يجوز أَن أجعَل ذَا فِي تَأْوِيل الَّذِي لِأَنَّهَا لم تجىء فِي تَأْوِيل الَّذِي إِلَّا فِي الِاسْتِفْهَام. وَهَا هُنَا لَيْسَ معنى اسْتِفْهَام وَلَكِن معنى مَا وذَا بِمَعْنى شَيْء فَيكون بِمَعْنى اسْم وَاحِد فَيكون تَقْدِيره: دعِي شَيْئا علمت وَيكون علمت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015