على أَن الْإِشَارَة فِيهِ من بَاب عَظمَة الْمشَار إِلَيْهِ أَي: أَنا ذَلِك الْفَارِس الَّذِي سَمِعت بِهِ. نزل بعد دَرَجَته ورفعة مَحَله منزلَة بعد الْمسَافَة. وَكَذَا القَوْل فِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ: آلم ذَلِك الكتابُ.
وَقَالَ الْمبرد فِي الْكَامِل نقلا عَن ابْن عَبَّاس وَتَبعهُ ابْن الْأَنْبَارِي فِي مسَائِل الْخلاف قَالَا: قد يَأْتِي اسْم الْإِشَارَة الْبعيد بِمَعْنى الْقَرِيب كَمَا يكون ذَلِك بِمَعْنى هَذَا. قَالَ تَعَالَى: آلم ذَلِك الكتابُ.
وَقَالَ خفاف بن ندبة.
تأمّل خفافاً إنّني أَنا ذلكا أَي: هَذَا. وَأقرهُ أَبُو الْوَلِيد الْقرشِي فِي شرح الْكَامِل وَقَالَ: وَأقرب متأوّلاً من ذَا وَذَاكَ فِي قَول خفاف وَأولى بالتأويل أَن يُرِيد أَي: أَنا خفاف فكنى عَنهُ بقوله أَنا ذَلِك كَمَا يَقُول لَك الْقَائِل: أَنْت زيد فَتَقول لَهُ: أَنا ذَلِك الَّذِي تُرِيدُ. انْتهى.
وَالْبَيْت من أَبْيَات لخفاف بن ندبة الصَّحَابِيّ وَهِي:
(فَإِن تَكُ خيلي قد أُصِيب عميدها ... فإنّي على عمدٍ تيمّمت هَالكا)
(نصبت لَهُ علوى وَقد خام صحبتي ... لأبني مجداً أَو لأثأر هَالكا)
(لدن ذرّ قرن الشّمس حتّى رَأَيْتهمْ ... سرَاعًا على خيل تؤمّ المسالكا)
(فلمّا رَأَيْت الْقَوْم لَا ودّ بَينهم ... شريجين شتّى مِنْهُم ومواشكا)
(تيمّمت كَبْش الْقَوْم لمّا رَأَيْته ... وجانبت شبّان الرّجال الصّعالكا)
...