سبيلِ اللَّه لَا كَمَا يحذف الْفَاعِل.
وَيُقَوِّي ذَلِك أَنهم قَالُوا: عَسى الغوير أبؤساً فجعلوها بِمَنْزِلَة مَا يدْخل على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر.
وَمِمَّا يُقَوي حذف ذَلِك لهَذِهِ المشابهة وَأَن حذفه لَا يمْتَنع من حَيْثُ امْتنع حذف الْفَاعِل أَن لَيْسَ لما كَانَت غير متصرفة صَارَت عينهَا بِمَنْزِلَة لَيْت فِي السّكُون وَلم يكن فِي يائها الْكسر والسكون وَيكون ذَلِك الْمَحْذُوف غَائِبا كَأَنَّهُ عساك الْهَالِك أَو عساك هُوَ.)
فَإِن قلت: فَإِن جَاءَ شَيْء بعد شَيْء من هَذِه الأبيات الَّتِي تشبه مَا ذكر من عساك تفعل ولعلي أَو عساني أخرج فَمَا يكون الْفَاعِل على قَوْله قيل: أما على مَا ذهب إِلَيْهِ من أَنه بِمَنْزِلَة لَعَلَّ فَلَا نظر فِيهِ وَيكون بِمَنْزِلَة لَعَلَّك تخرج وَالْقَوْل فِيهِ كالقول فِيهِ. وَأما على القَوْل الآخر الَّذِي رَأَيْنَاهُ غير مُمْتَنع فَهُوَ أشكل لِأَن الْفَاعِل لَا يكون جملَة.
فَإِن شِئْت قلت: إِن الْفِعْل فِي مَوضِع رفع بِأَنَّهُ فَاعل وَكَأَنَّهُ أَرَادَ عساني أَن أخرج فَحذف أَن وَصَارَ الْفِعْل مَعَ ان المحذوفة فِي مَوضِع رفع بِأَنَّهُ فَاعل كَمَا كَانَ فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ فِي قَوْلهم: تسمع بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ وكقول أبي دواد: لَوْلَا تجاذبه قد هرب
(وَمَا رَاعنا إلاّ يسير بشرطةٍ ... وعهدي بِهِ قينا يفشّ بكير)