الطَّوِيل

(وإنّ أمرأً أسرى إِلَيْك ودونه ... من الأَرْض موماةٌ وبيداء سملق)

(لمحقوقةٌ أَن تستجيبي لصوته ... وَأَن تعلمي أَن المعان موفّق)

على أَن الْكُوفِيّين أَجَازُوا ترك التَّأْكِيد بالمنفصل فِي الصّفة الْجَارِيَة على غير من هِيَ لَهُ إِن أَمن اللّبْس فَإِن قَوْله: لمحقوقة خبر عَن اسْم إِن وَهُوَ فِي الْمَعْنى للْمَرْأَة المخاطبة وَلم يقل لمحقوقة أَنْت.

وَأَقُول: الظَّاهِر من كَلَام ابْن الشجري فِي أَمَالِيهِ وَمن كَلَام ابْن الْأَنْبَارِي فِي مسَائِل الْخلاف وَمن كَلَام غَيرهمَا أَن مَذْهَب الْكُوفِيّين جَوَاز ترك التَّأْكِيد مُطلقًا سَوَاء أَمن اللّبْس أم لَا.

قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: احْتج الْكُوفِيُّونَ لمذهبهم بالشعر الْمُتَقَدّم وَبِقَوْلِهِ: الوافر

(ترى أرباقهم متقلّديها ... كَمَا صدئ الْحَدِيد على الكماة)

وَلَو كَانَ إبراز الضَّمِير وَاجِبا لقَالَ متقلديها هم فَلَمَّا لم يبرز الضَّمِير دلّ على جَوَازه. وَأجَاب البصريون عَن هَذَا بِأَنَّهُ على حذف مُضَاف أَي: ترى أَصْحَاب أرباقهم متقلديها. وَعَن الأول بجوابين: أَحدهمَا: مَا نَقله ابْن الشجري عَن أبي عَليّ وَهُوَ أَنه لَيْسَ فِي قَوْله محقوقة ضمير لِأَنَّهُ مُسْند إِلَى الْمصدر الَّذِي هُوَ أَن تستجيبي فالتقدير لمحقوقة استجابتك فَجعل التَّأْنِيث فِي قَوْله لمحقوقة للاستجابة للْمَرْأَة حَتَّى إِنَّه لَو قَالَ: لمحقوق بالتذكير لجَاز لِأَن تَأْنِيث الاستجابة غير حَقِيقِيّ.

وَحَاصِله أَن الْمصدر المؤول نَائِب الْفَاعِل لقَوْله محقوقة. وَإِلَى هَذَا ذهب ابْن هِشَام فِي شرح شواهده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015