فَإِن قيل: قَوْله: يبين قولي الخ لَا يَصح أَن يكون خَبرا عَن مَجْمُوع قَوْله: فَرفع أَبُو من ثمَّ خفض مزمل إِذْ لم يقل يبينان. وَلَا عَن أَحدهمَا لاشتمال الْجُمْلَة على قيد لَا يَصح تعلقه بِكُل مِنْهُمَا.
وَذَلِكَ أَن رفع أَبُو من لَا يبين قَوْله مغرياً ومحذراً وَإِنَّمَا يبين قَوْله مغرياً وَكَذَا الثَّانِي.
أُجِيب بِأَن قَوْله: يبين قولي فَقَط هُوَ خبر الأول وَخبر الثَّانِي مَحْذُوف وَأَن قَوْله مغرياً ومحذرا قيدان للمحذوف وَالتَّقْدِير فَرفع أَبُو من يبين قولي وخفض مزمل كَذَلِك هما يبينان قولي مغرياً ومحذرا. وَمثل هَذَا الشّعْر قَول ابْن حزم الظَّاهِرِيّ: الطَّوِيل
(تجنّب صديقا مثل مَا وَاحْذَرْ الَّذِي ... يكون كعمرو بَين عربٍ وأعجم)
قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي فِي المبحث الَّذِي تقدم ذكره: مُرَاده بِمَا الْكِنَايَة عَن الرجل النَّاقِص كنقص مَا الموصولة. وبعمرو الْكِنَايَة عَن المتزيد الْآخِذ مَا لَيْسَ لَهُ كأخذ عَمْرو الْوَاو فِي الْخط.
وَقَالَ فِي موقد الأذهان وموقظ الْوَسْنَان وَهِي رِسَالَة لَهُ بعد أَن ذكر أَنه سُئِلَ عَن الأبيات: يُرِيد بِالصديقِ الَّذِي كعمرو المستكثر بِمَا لَيْسَ لَهُ فَإِن عمرا قد أَخذ الْوَاو فِي الْخط فِي الرّفْع والجر وَلَيْسَ دَاخِلَة فِي هجائه وَمن ثمَّ نسب الشُّعَرَاء إلحقها لَهُ إِلَى الظُّلم.)
قَالَ الشَّاعِر: الْخَفِيف
(أيّها المدّعي سليما سفاهاً ... لست مِنْهَا وَلَا قلامة ظفر)
(إنّما أَنْت من سليم كواو ... ألحقت فِي الهجاء ظلما بِعَمْرو)