جَاعل الْمَلَائِكَة بِالرَّفْع. فَهَذَا على قَوْلك: هُوَ جَاعل الْمَلَائِكَة. وَيشْهد بِهِ أَيْضا قِرَاءَة خُلَيْد بن نشيط: جعل الْمَلَائِكَة.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِذا طَال الْكَلَام خَرجُوا من الرّفْع إِلَى النصب وَمن النصب إِلَى الرّفْع. يُرِيد مَا نَحن عَلَيْهِ لتختلف ضروبه وتتباين تراكيبه. هَذَا كَلَامه.)
وَقد أوردهُ سِيبَوَيْهٍ فِي بَاب الصّفة المشبهة أَيْضا على أَن معاقد مَنْصُوب بقوله الطيبون على التَّشْبِيه بالمفعول بِهِ وَلَيْسَ مَفْعُولا بِهِ لِأَن عَامله غير متعدٍ وَلَا تمييزاً كَمَا زعم الْكُوفِيُّونَ لِأَنَّهُ معرفَة.
فَإِن قيل: يكون تمييزاً من بَاب حسن الْوَجْه الْمَنوِي بِهِ الِانْفِصَال فَيكون نكرَة.
أُجِيب بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فِي شَيْء إِنَّمَا إِضَافَته من بَاب إِضَافَة المصادر أَو الْأَمْكِنَة إِلَى مَا بعْدهَا كقيام زيد ومقام عَمْرو فَإِن إضافتهما معنوية.
وَقَوْلها: لَا يبعدن مَعْنَاهُ لَا يهلكن وَهُوَ دُعَاء جَاءَ بِلَفْظ النَّهْي. ويبعدن: فعل مُسْتَقْبل مَبْنِيّ مَعَ نون التوكيد الْخَفِيفَة وموضعه جزم بِلَا الدعائية
وقومي فَاعله يُقَال: بعد يبعد من بَاب فَرح إِذا هلك. وَإِمَّا الَّذِي هُوَ ضد الْقرب فَهُوَ بعد يبعد بِضَم الْعين فيهمَا ومصدره الْبعد وَقد يسْتَعْمل فِي الْهَلَاك أَيْضا لتداخل معنييهما كَقَوْلِه تَعَالَى: أَلا بُعداً لمدين كَمَا بَعدتْ ثَمودُ.
قَالَ اللَّخْمِيّ فِي شرح أَبْيَات الْجمل: وَاسم الْفَاعِل مِنْهُمَا جَمِيعًا بعيد اسْتَويَا فِيهِ كَمَا اسْتَويَا فِي الْمصدر تَقول بعد وَبعد بعدا وبعداً.
وَقَالَ ابْن السَّيِّد فِي شرح أَبْيَات الْجمل: فَإِن قيل: كَيفَ دعت لقومها بِأَن لَا يهْلكُوا وهم قد