الْكَلَام الأوّل قد تمّ وتقضّى فَأتى بِالْجُمْلَةِ الثَّانِيَة وَهِي الْجحْد فَجَعلهَا خَبرا للنكرة حَيْثُ كَانَت جملَة.
وَمثل ذَلِك فِي الْجحْد قد قَالَت الْعَرَب: كَانَ زيد يقوم أَبوهُ فقد جعل يقوم أَبوهُ جملَة فِي مَوضِع الْخَبَر وَإِن كَانَ جحداً فَكَذَلِك جَازَ لَهُ أَن يَجْعَل النَّفْي فِي مَوضِع خبر الْإِيجَاب وَإِن كَانَ إِيجَابا.
وَلَا يلْزم تَأْوِيل من تأوّل هَذَا فَقَالَ: إِن الْمَعْنى ذَلِك لأنّه
وَجه من الْقيَاس وَهُوَ مَا ذكرنَا فَلَا يلْزمه التَّأْوِيل لِأَن أَيْضا ينساع على ذَلِك فَيجْعَل إِيجَابا لأنّ الْإِيجَاب وَالنَّفْي جَمِيعًا إخبارٌ فلك أَن تجْعَل كل وَاحِد خَبرا عَن الآخر من حَيْثُ كَانَ ذَلِك فِي الْجحْد. هَذَا كَلَامه.
وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة للفرزدق هجا بهَا عمر بن هُبَيْرَة الفرازيّ أوّلها:
(يَا أَيهَا النابح العاوي لشقوته ... إِلَيْك أخْبرك عمّا تجْهَل الخبرا))
لَو لم تكن غطفان ... ... ... ... ... . . الْبَيْت إِلَى أَن قَالَ:
(جهز فَإنَّك ممتازٌ ومنتجعٌ ... إِلَى فَزَارَة عيرًا تحمل الكمرا)
(إنّ الفزاريّ مَا يشفيه من قرمٍ ... أطايب العير حتّى ينهش الذّكرا)
(إنّ الفزاريّ لَو يعمى فيطعمه ... أير الْحمار طَبِيب أَبْرَأ البصرا)
النابح والعاوي من نبح الْكَلْب وعوى بِمَعْنى صوّت. وإِلَيْك اسْم فعل وأصل مَعْنَاهُ: ضمّ رحلك وثقلك إِلَيْك واذهب عني. وأخْبرك جزم فِي جَوَابه وَالْخَبَر مفعول أخْبرك وعمّا