وَإِن خالفها بالتذكير لِأَن الْملَّة فِي معنى الدَّين أَلا ترى أَنَّهَا قد أبدلت من الدَّين فِي قَوْله تَعَالَى: دينا قيمًا مِلَّة إِبْرَاهِيم فَإِذا جعلت حَنِيفا حَالا من الْملَّة فالناصب لَهُ هُوَ الناصب للملة وَتَقْدِيره: بل نتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا. وَإِنَّمَا أضمر نتبع لِأَن مَا حَكَاهُ الله عَنْهُم من قَوْلهم: كونُوا هوداً أَو نَصَارَى تهتدوا مَعْنَاهُ اتبعُوا الْيَهُودِيَّة أَو النَّصْرَانِيَّة فَقَالَ لنَبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: قل بل نتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا. . وَإِنَّمَا ضعف مَجِيء الْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ لِأَن الْعَامِل فِي الْحَال
يَنْبَغِي أَن يكون هُوَ الْعَامِل فِي ذِي الْحَال. اه كَلَامه.
وَقَالَ أَيْضا فِي الْمجْلس الرَّابِع وَالْعِشْرين: وَأما قَوْله: مُدبرا فحال من الْهَاء وَالْعَامِل على رَأْي أبي عليّ مَا تقدره فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ من معنى الجارّ. يَعْنِي أنّ التَّقْدِير كَأَن حوامي ثَابِتَة لَهُ مُدبرا أَو كائنة لَهُ. قَالَ: وَلَا يجوز تَقْدِيم هَذِه الْحَال لِأَن الْعَامِل فِيهَا معنى لَا فعل مَحْض. قَالَ: وَلَا يجوز أَن يكون الْعَامِل مَا فِي كأنّ من معنى الْفِعْل لِأَنَّهُ إِذا عمل فِي حَال لمي عمل فِي أُخْرَى. يَعْنِي أنّ كَأَن قد عمل فِي مَوضِع خضبن النصب على الْحَال فَلَا يعْمل فِي قَوْله مُدبرا. وَهَذَا القَوْل يدلّ على أَنه يُجِيز أَن ينصب حَال الْمُضَاف إِلَيْهِ الْعَامِل فِي الْمُضَاف. وَإِذا كَانَ هَذَا جَائِزا عِنْده فَإِن جعل خضبن خبر كَأَن فالعامل إِذا فِي مُدبرا مَا فِي كَأَن من معنى الْفِعْل.
وَهَذَا إِنَّمَا يجوز إِذا كَانَ الْمُضَاف ملتبساً بالمضاف إِلَيْهِ: كالتباس الحوامي بِمَا هِيَ لَهُ وَلَا يجوز فِي ضربت غُلَام هِنْد جالسة أَن تنصب جالسة بضربت لِأَن الْغُلَام غير ملتبس بهند كالتباس الحوامي بصاحبها. وَلَا يجوز عِنْدِي أَن تنصب جالسة