إِن قَوْله قيَاما نصب على الْحَال من الرِّجَال. وَالْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ قَليلَة وَمن ذَلِك قَول الْجَعْدِي: كأنّ حواميه مُدبرا
نصب مُدبرا على الْحَال من الْهَاء ... وأنشدوا فِي الْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ قَول تأبّط شرا:
(سلبت سلاحي يائساً وشتمتني ... فيا خير مسلوب وَيَا شرّ سالب)
وَلست أرى أَن بائساً حَال من الْيَاء فِي سلاحي وَلكنه عِنْدِي حَال من مفعول سلبت الْمَحْذُوف وَالتَّقْدِير: سلبتني بائساً سلاحي. ومثلي قَوْله تَعَالَى: ذَرْنِي وَمن خلقت وحيدا وَقَوله تَعَالَى: أَهَذا الَّذِي بعث الله رَسُولا أَي: خاقته وَبَعثه. وَإِنَّمَا وَجب الْعُدُول إِلَى مَا قُلْنَا لعزة حَال الْمُضَاف إِلَيْهِ. فَإِذا وجدت مندوحة وَجب تَركه. وسلب يتَعَدَّى إِلَى مفعولين يجوز الِاقْتِصَار على أَحدهمَا كَقَوْلِك: سلبت زيدا ثوبا وَقَالُوا: سلب زيد ثَوْبه بِالرَّفْع على بدل الاشتمال وثوبه بِالنّصب على أَنه مفعول ثَان وَفِي التَّنْزِيل: وَإِن يسلبهم الذُّبَاب شَيْئا لَا يستنقذوه مِنْهُ فَيجوز على هَذَا أَن نجْعَل بائساً مَفْعُولا ثَانِيًا بِتَقْدِير حذف الْمَوْصُوف أَي:)
سلبت سلاحي رجلا باائساً كَمَا تَقول: لتعاملن مني رجلا منصفاً.
وَمِمَّا جَاءَت الْحَال فِيهِ من الْمُضَاف إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: قل بل مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا قيل: إِن حَنِيفا حَال من إِبْرَاهِيم وأوجه من ذَلِك عِنْدِي أَن تَجْعَلهُ حَالا من الْملَّة