وَمثله قَوْله تَعَالَى: وَاتبعُوا مَا تتلوا الشاطين على ملك سُلَيْمَان أَرَادَ مَا كَانَت تتلو.

قَالَ ابْن عُصْفُور: وَإِنَّمَا حمل على إِضْمَار كَانَ وَلم يحمل على تَقْدِير حذف مُضَاف إِلَى قومِي فَيكون التَّقْدِير: أزمان كَون قومِي وَالْجَمَاعَة لِأَن الْمصدر المقدّر بِأَن وَالْفِعْل من قبيل الموصولات وَحذف الْمَوْصُول وإبقاء شَيْء من صلته لَا يجوز.

فَإِن قلت: مَا الدَّلِيل على أَن قومِي من قَوْله: أزمان قومِي مَحْمُول على فعل مُضْمر قلت: لِأَنَّهُ لَيْسَ من قبيل المصادر وَأَسْمَاء الزَّمَان لَا يُضَاف شَيْء مِنْهَا إِلَّا إِلَى مصدر أَو جملَة تكون فِي مَعْنَاهُ نَحْو: هَذَا يَوْم قدوم زيد وَقَوْلهمْ: يَوْم الْجمل وَيَوْم حليمة فَهُوَ على حذف مُضَاف أَي: يَوْم حَرْب الْجمل وَنَحْوه.

قَالَ الأعلم: وصف مَا كَانَ من اسْتِوَاء الزَّمَان واستقامة الْأُمُور قبل قتل عُثْمَان وشمول الْفِتْنَة.

وَأَرَادَ الْتِزَام قومه الْجَمَاعَة وتركهم الْخُرُوج على السُّلْطَان. وَالْمعْنَى: أزمان قومِي والتزامهم الْجَمَاعَة وتمسكهم بهَا كَالَّذي تمسك بالرحالة ومنعها من أَن تميل وَتسقط. والرحالة بِالْكَسْرِ: وَهِي أَيْضا السرج. ضربهَا مثلا اه.

وَهَذَا الْبَيْت من قصيدة طَوِيلَة عدّتها تِسْعَة وَثَمَانُونَ بَيْتا لِلرَّاعِي. مدح بهَا عبد الْملك بن مَرْوَان وشكا فِيهَا من السعاة وهم الَّذين يَأْخُذُونَ الزَّكَاة من قبل السُّلْطَان. وَهِي قصيدة جَيِّدَة كَانَ يَقُول: من لم يرو لي من أَوْلَادِي هَذِه القصيدة وقصيدتي الَّتِي أَولهَا: بَان الْأَحِبَّة بالعهد الَّذِي عهدوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015