قال المؤلف، رحمه الله تعالى: هذا المصنف المبارك، أعني البديعية وشرحها، وإذا ملكه متأدب شرفت نفسه عن النظر في غيره من تذاكر الآداب، فإني ما تركت نوعًا من أنواع البديع إلا أطلقت عنان القلم في ميادين الطروس، مستطردًا إلى استيعاب ما وقع من جيده ورديئه، ونصبت فيه البحث بين المقصرين والمجيدين. بيد أني أقول وبالله المستعان: إن العميان اختصروا جانبًا كبيرًا من البديع، وما أجادوا النظم فيما وقع اختيارهم عليه. والشيخ صفي الدين الحلي أجاد في الغالب، لخلاصه من التورية في تسمية النوع، ولكنه قصَّر في مواضع نبهت عليها في مظانها. والشيخ عز الدين -رحمه الله- قصّر في غالب بديعيته، لالتزامه بتسمية النوع البديعي ومراعاة التورية. والبحث مقرر مع كل منهم في إجادته وتقصيره، عند إيراد بيته على ذلك النوع الوارد.
وقد تقدم الإطناب في تقرير حسن الابتداء وبراعة الاستهلال، وفي الفرق بينهما، وأوردت في حسن التخلص ما وقع من غريبه وبديعه، وما تقرر من البحث مع المقصر في نظمه، وما يتفرق به شمل مجاميع الأدب وينسى تذاكره، وقد انتهت الغاية بحمد الله إلى حسن الختام. وأوردت فيه ما لا خفيت محاسنه على المتأمل، ولا ضمه صدر كتاب، وأنا أسأل الله سبحانه وتعالى حسن الخاتمة، وببركة الممدوح عليه أفضل الصلاة وأتم السلام. وقد فرغت من تأليف الكتاب في شهر ذي الحجة الحرام سنة ست وعشرين وثمانمائة، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله العلي العظيم، وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، وأستغفر الله العظيم وأتوب إليه، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وعلى آله وصحبه وسلم.