وقد أمنت وزال الخوف منحذفًا ... نحو العدوّ ولم أحقر ولم أضم1
هذا النوع، أعني الحذف، عبارة عن أن يحذف المتكلم من كلامه حرفًا من حروف الهجاء، أو جميع الحروف المهملة، بشرط عدم التكلف والتعسف، وهذا هو الغاية، كما فعل الحريري في المقامة السمرقندية، بالخطبة المهملة التي أجمع الناس على أنها نسيج وحدها، وواسطة عقدها. "وقد عن لي" أن أوردها ههنا بكمالها، وأورد معها ما نسج المتأخرون على منوالها، وهي قوله:
الحمد لله الممدوح الأسماء والمحمود الآلاء، الواسع العطاء، المدعوّ لحسم اللأواء، مالك الأمم، ومصور الرمم2، وأهل السماح والكرم، ومهلك عاد وإرم، أدرك كل سرّ علمه، ووسع كل مصر حلمه، وعمّ كل عالم طوله، وهدّ كل مارد حوله، أحمده حمد موحد مسلم، وأدعوه دعاء مؤمل مسلم، وهو الله لا إله إلا هو الواحد الصمد، لا والد ولا ولد، أرسل محمدًا للإسلام ممهدًا، وللملة موطدًا، ولأدلة الرسل مؤكدًا، وللأسود والأحمر مسدّدًا، وصل الأرحام، وعلّم الأحكام، ووسم الحلال والحرام، ورسم الإحلال والإحرام، كرَّم الله محله، وكمل الصلاة والسلام له، ورحم آله الكرماء، وأهله الرحماء، ما همر ركام3 وهدر حمام، وسرح سوام4، وسطا حسام.